يحاربوا، كما قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}[العنكبوت: ٦٧] وأما المقسمات بها، ففيها أقوال للسلف لاحتمال موادها لكل منها، فعن مجاهد والحسن وغيرهما، أن (التين) الذي يؤكل، و (الزيتون) الذي يعصر، قالوا:(التين مسجد دمشق، و (الزيتون) بيت المقدس، وعن ابن عباس:(التين) مسجد نوح الذي بني على الجوديّ، و (الزيتون) بيت المقدس، فظهر أنهما إما الشجران المعلومان أو الجبلان أو المسجدان، وصوب ابن جرير الأول فنهما - وعبارته: والصواب من القول ذلك عندنا، قول من قال (التين) هو التين الذي يؤكل، و (الزيتون) هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب، ولا يعرف جبل يسمى تينًا، ولا جبل يقال له زيتون، إلا أن يقول قائل: أقسم جل ثناؤه بالتين والزيتون، والمراد من الكلام، القسم بمنابت التين ومنابت الزيتون، فيكون مذهبًا، وإن لم يكن على صحة، ذلك أنه كذلك دلالة على ظاهر التنزيل، ولا من قول من لا يجوز خلافه، لأن دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس منابت الزيتون) انتهى كلامه، وفيه نظر لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، كيف وجبل الزيتون هو من جبال فلسطين، معروف ذلك عند علماء أهل الكتاب والمؤلفين في تقويم البلاد.
قال صاحب (الذخيرة) في تعداد جبال فلسطين: ويتصل بجبال إسرائيل جبل الزيتون، قال: وقد دعي كذلك لكثرة الزيتون فيه، وهو قريب المسافة من أورشليم، وفيه صعد المسيح النبي عليه السلام لكي يرتفع إلى السماء انتهى (١).
ويسمى أيضًا طور زيتا إلى الآن. على أن فيما صوبه ابن جرير، تبقى المناسبة بينهما وبين طور سينين والبلد الأمين، وحكمة جمعهما معهما في نسق واحد، غير مفهومة كما قاله الإمام. فالأرجح أنهما موضعان أو موضع واحد معظم، ويكون المقسم به ثلاثة مواضع مقدسة.