[البقرة: ٢٢٩] فهذه الآية الكريمة بينت أنه في بعض الحالات يمكن أن تفتدي المرأة نفسها بإعطائها شيئًا من مالها للزوج -وهو الخُلع- يأخذه بلا حرج وأمثلة هذا النوع كثيرة، ومن أراد الزيادة فليرجع إلى ما ذكره السيوطي رحمه الله في الإتقان.
٣ - الإطلاق والتقييد: ويمكن أن نمثل له بما عند الجمهور من المفسرين بقوله سبحانه في سورة المجادلة {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣] وفي سورة المائدة في كفارة اليمين {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المائدة: ٨٩] فقد ذكرت الرقبة مطلقة، ولكنها قيدت في آية أخرى في سورة النساء وهي قوله:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] فحمل كثير من العلماء المطلق على المقيد، وقالوا إن الرقبة التي وردت مطلقة في بعض الآيات، يجب أن تكون مؤمنة، كما وردت في آية النساء.
ومن ذلك أن بعض الآيات التي ذكرت فيها الشهادة والشهود، أطلق فيها لفظ الشهداء؛ كقوله سبحانه:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢] لكنه قيد في بعض الآيات بالعدالة، في قوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] فحمل بعض العلماء المطلق على المقيد، وقالوا إن الشهداء لا بد أن يكونوا عدولًا، وهذا كثير في كتاب الله، وذكر السيوطي رحمه الله منه أمثلة كثيرة.
٤ - الإجمال والبيان. ومثلوا له بقوله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢ - ٢٣] وقوله سبحانه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام: ١٠٣] فقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} بينت جواز رؤية الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا فقوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} المقصود بها أنه لا تحيط به الأبصار سبحانه.
ولن نستطيع أن نحيط بكل ما جاء من تفسير القرآن بالقرآن، والمتدبر لكتاب الله