للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ... } [البقرة: ٢٦].

(وفي الآية إشعار بصحة نسبة الحياء إليه تعالى، ومذهب السلف إمرار هذا وأمثاله على ما ورد، وتفويض علم كنهه وكيفيته إلى الله تعالى، مع وجوب تنزيهه عما لا يليق بجلاله من صفات المحدثات) (١).

ويقول في تفسيره لآية الكرسي (٢): (الكرسي غير العرش، وهما مخلوقان لله تعالى، كالسماوات والأرض، ومن المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، فنفوض علم حقيقتهما إليه تعالى).

وعند قوله {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] يقول: قال الزمخشري: الغرض من هذا الكلام إذا أخذته بمجموعه، تصوير عظمته تعالى والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة واليمين إلى جهة حقيقة أو مجاز، فهو تمثيل لحال عظمته تعالى، ونفاذ قدرته، بحال من يكون له قبضة فيها الأرض جميعًا، ويمين بها يطوي السماوات، وقيل: هو تنبيه على مزيد جلالته وعظمته تعالى، بإفادة أن الأرض كلها مع عظمها وكثافتها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفه، فالقبضة مجاز عن الملك أو التصرف، كما يقال: هو في يد فلان وفي قبضته للشيء الذي يهون عليه التصرف فيه، وإن لم يقبض عليه، واليمين مجاز عن القدرة التامة، والسلف -كما ذكره الألوسي- يذهبون إلى أن الكلام تنبيه على مزيد جلالته وعظمته، ورمز إلى آلهتهم -أرضية أم سماوية- مقهُورة لله تعالى، إلا أنهم لا يقولون بالتجوز بالقبضة عن الملك أو التصرف، ولا باليمين عن القدرة، بل ينزهونه تعالى عن الجوارح والأعضاء ويؤمنون بما نسبه تعالى إلى ذاته بالمعنى اللائق به الذي أراده سبحانه، قال الخطابي: ليس عندنا


(١) ١/ ٢١.
(٢) ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>