للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفصل لنا معنى (الهيم) و (المماراة) و (الأسر) فيقول في تفسير قوله تعالى (١) {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: ٥٥] من سورة الواقعة: (الإبل العطاش التي لا تروى بالماء، لداء يصيبها يشبه الاستسقاء يسمى الهيم، فلا تزال تشرب حتى تهلك، أو تسقم سقمًا شديدًا ... جمع أهيم للمذكر وهيماء للمؤنث).

ويقول في تفسير قوله تعالى {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم: ١٢] من سورة النجم: (يقال: ما راه يماريه مماراة ومراء، جادله، مشتق من مري الناقة يمريها، إذا مسح ضرعها ليخرج لبنها وتدربه، فشبه به الجدال، لأن كلا من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه، أي يسعى لاستخراجه ليلزمه الحجة. وعدّي الفعل بـ (على) لتضمنه معنى المغالبة).

أما عند قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: ٢٨] من سورة الدهر فيقول: (يقال: أسره الله، خلقه، وبابه ضرب، وفرس شديد الأسر: أي الخلق- والأسر: القوة، مشتق من الإسار -بالكسر- وهو القِدُّ الذي تشد به الأقتاب. يقال: أسرت القتب أسرًا، شددته وربطته، ومنه الأسير لأنه يكتف بالأسار).

وهذا موضع آخر، طالما اختلفت فيه كلمة العلماء، وشنع فيه على بعضهم، وتطاول بعضهم فيه على الشافعي، يحققه الشيخ، وأعني به قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: ٣] (٢): (والعول في الأصل: الميل المحسوس. يقال: عال الميزان عَوْلًا إذ مال، ثم نقل إلى الميل المعنوي وهو الجور، ومنه: عال الحكم إذا جار وقيل {أَلَّا تَعُولُوا} أي لا تكثر عيالكم. يقال: عال يعول، إذا كثر عياله).

أما عن دقة التعبير القرآني، والتغاير بين الأساليب، فلم يفت المفسر التنبيه عليه في كثير من الأحيان، فمن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى


(١) ص ٣٩٤.
(٢) ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>