للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتمال التأويل والاشتباه، ولمنع الخلق من التصرف فيها لظهورها. ووضح معانيها وإقامتها حجة من الله على عباده، وعصمة لهم من الزيغ ... والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كوقت الساعة والروح والحروف المقطعة في أوائل السور، وإليه ذهب الحنفية. أو ما لا يتضح معناه إلا بالنظر الدقيق، وهو يشمل المجمل ونحوه. وإليه ذهب الشافعية. أو ما يدل الدليل القاطع على أن ظاهره غير مراد، ولم يقم دليل على تعيين المراد منه، كآيات الصفات مثل: الاستواء واليد والقدم والتعجب والضحك والفوقية والنزول والرحمة والغضب ونحو ذلك) (١).

ومنها بيانه لبعض الأمكنة والأزمنة، التي تحدث عنها القرآن.

ومنها وقوفه في المبهمات عند ما أخبر عنه القرآن، كما يظهر من تفسيره لقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: ٤]، إذ يستشهد بقول الجبائي: (إنه تعالى لم يبين ذلك، فلا يقطع فيه بخبر) (٢).

ومنها ذلك الأدب الرفيع والموقف الرائع، الذي يتجلى عند تفسيره لقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] , فهو ينعى كثيرًا على أولئك الذين يذكرون الرسول - صلى الله عليه وسلم - باسمه فحسب، دون الصلاة عليه، أو ما يشير إلى تعظيمه بأي إشارة، أو الذين يكتبون كلمة (صلعم) وهو يرى أنه لا بد من إجلال الرسول الكريم بما يتناسب مع مقامه أولًا، وبما ترشد إليه الآية الكريمة ثانيًا.

على أن لنا عليه مأخذًا، وهو عدم تحرّيه في المسائل التاريخية، كذكره عند تفسير قوله تعالى {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: ٢٢]، يقول أنهم من بقايا قوم عاد، استولوا على الأرض المقدسة التي كان يحكمها اليهود زمن يعقوب (٣). فأين أهل فلسطين من قوم عاد الذين كانوا في الأحقاف أي بين حضرموت وعُمان.


(١) جـ ١ ص ٩.
(٢) جـ ١ ص ٤٥٠.
(٣) جـ ١ ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>