قد أمر تعالى في الآيات المتقدمة بعبادته والإخلاص له.
وأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما في الظاهر والباطن.
كما أمر بغير ذلك في الآيات اللاحقة. ووضع هذه الآية أثناء ذلك، وهي متعلقة بالنفس وصلاحها ... لينبه الخلق على أصل الصلاح الذي منه يكون، ومنشؤه الذي منه يبتدى. فإذا صلحت النفس قامت بالتكاليف التي تضمنتها هذه الآيات الجامعة لأصول الهداية، وهذا هو وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها وما بعدها، الذي يكون قبل التدبر خفيًا (١).
ونظير هذه الآية في موقعها ودلالتها على ما به يسهل القيام بأعباء التكاليف - قوله تعالى:
فلقد جاءت أثناء آيات أحكام الزوجية آمرة بالمحافظة على الصلوات، تنبيهًا للعباد على أن المحافظة عليها على وجهها، تسهل القيام بأعباء تكاليف تلك الآيات، لأنها تزكي النفس بما فيها من ذكر وخشوع وحضور وانقطاع إلى الله تعالى، وتوجه إليه، ومناجاة له.
(١) هذا رأي عظيم من الإمام في وجه الارتباط. وبعض المفسرين يقولون أيضًا في وجه الارتباط: بأن العباد بما جُبلوا عليه من سهو ونقصان، ربما يبدر منهم ما يخالف الشرع ويغضب الوالدين عن خطأ وغلط، لا عن قصد وعمد، إذ كل بني آدم خطاء، وخيرهم المستغفر، وهنا ينظر الله إلى قلوبهم فإن كانت صالحة وبدر منها هذا الخطأ، فإنه يغفر لهم ما بدر منهم، متى رجعوا إليه.