فيقوده القياس - وهو من طباع البشر أيضًا - الفاسد: إلى ترك الرجوع والسؤال، من الرب الكريم العظيم النوال.
فهذان الأمران يقعدانه عن الرجوع والتوبة، فيستمر في حمأة المعصية، وذلك هو الهلاك المبين. فكان حاله مقتضيًا لأن يؤكد حصول المغفرة عند رجوعه بتلك المؤكدات.
ونكتة بلاغية:
وقد كان مقتضى الظاهر في تركيب الآية أن يقال: إن تكونوا صالحين فإنه كان لكم غفورًا، لأن المقام للإضمار. لكنه عدل عن الضمير إلى الظاهر فقيل:{فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} لينص على شرط المغفرة وهو الأوبة والرجوع.
وعلم من ذلك أن الصالح عندما تقع منه الذنوب مطالب - كغيره - بالأوبة، لتحصيل المغفرة، لأن فرض الأوبة إلى الله من المعاصي عام على الجميع.
وقد اشتملت الآية من فعل الشرط، وهو {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ}، وجواب الشرط، وهو {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} - على الحالتين اللازمتين للإنسان لتكميل نفسه، وهما الصلاح المستفاد من الأول، والإصلاح بالأوبة المستفاد من الثاني.
وما دام الإنسان مجاهدًا في تزكية نفسه بهذين الأصلين فإنه بالغ أملًا ورجاءً - بإذن الله - درجة الكمال.
(١) هو زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رباح المزني، أحد فحول الجاهلية الأربعة. وهو أعف الشعراء قولًا وأكثرهم تهذيبًا لشعره، وجرت أبيات كثيرة له مجرى المثل. وكثير من أصوله وفروعه شعراء لا يشق لهم غبار.