للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الآية حكم من أحكامه القدرية، وهو أن كل قرية لا بد أن يصيبها أحد الأمرين المذكورين بما سبق من علمه، وما مضى من إرادته، فلا يتخلف هذا الحكم، ولا تخرج عنه قرية.

إيضاح وتعليل:

الله حكم عدل، حكيم خبير، ، فما من حكم من أحكامه الشرعية إلا وله حكمته، وما من حكم من أحكامه القدرية (١) إلا وله سببه وعلته.

لا لوجوب أو إيجاب عليه، بل بمحض مشيئته، ومقتضى عدله وحكمته (٢).

سبب الهلاك:

وقد قضى على كل قرية بهذه العاقبة من الهلاك والعذاب الشديد في هذه الآية، وبيِّن في غيرها سبب استحقاقها لهما فقال تعالى:

{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [الكهف: ٥٩].

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧].

{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: ٥٩].

{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: ٤].

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} [الطلاق: ٨].

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢].


(١) أي بقضائه وقدره.
(٢) {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>