وتكون منه، وكأنك لست منه بصدق معاملتك لله، وإخلاص توحيدك إياه، فأنت وقد آمنت وصدقت، وخرجت من سورة الإخلاص متشبعًا بمعانيها، ومنها معنى الصمد - تستشعر أن العالم كله عجز وقصور، وأن خيراته مكدرة بالشرور، وأن لا ملجأ إلا ذلك الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فتجيء المعوذتان بعد الإخلاص مبينتين لذلك الالتجاء الذي هو من تمام التوحيد.
تسمية واحدة:
ولأجل هذه المناسبة والارتباط بين السور الثلاث جمع بينهن في التسمية: ففي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث عن نفسه بالمعوذات".
وسياق النسائي لحديث عقبة بن عامر المتقدم: "أن رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) قرأ وقرأت معه الإخلاص، ثم: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس. فلما ختمهن، قال: ما تعوذ بمثلهن أحد.
وكما جمع - صلى الله عليه وسلم - بينهن في التسمية والتعوذ، جمع بينهن عمليًا في قراءة الوتر.
هذا إجمال المناسبة الخاصة بين السور الثلاث.
رب الفلق:
قال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
الألفاظ والتراكيب:
الأمر المفرد للنبي عليه السلام.
ومن حسن الأدب في مقدرات القرآن، أن تقدر في مثل هذا الأمر: أيها الرسول، أو أيها النبي؛ لأنهما الوصفان اللذان نطق بهما القرآن في نداء النبي عليه الصلاة والسلام، وأن لا نقدر يا محمد كما هو جار على الألسنة، وفي التصانيف؛ فإن القرآن لم يخاطبه باسمه.