فهموا من كتاب الله، وأداة فهمهم عقولُهم، ومادة علمهم بيئتهُم ومعارف عصرهم، فكان لزامًا أن يظهر ذلك جليًّا في نفثات أقلامهم، ومعرض آلائهم" [مقاصد القرآن الكريم ص ٢].
ثم تحدَّث الشيخَ البنا رحمه الله عن مزالق بعض الكاتبين في التفسير، وبُعدِهم عن جادة الصواب، وشططهم في الآراء التي تنافي مقاصد القرآن الكريم، كزعم بعضهم أن قصص القرآن لا يعدو أن يكون سردًا فنيًا لا يستلزم صدق الرواية ولا صحة الواقعة! وكغُلُوِّ بعضهم في التفسير العلمي للقرآن تكلفًا وتعسفًا، وآخذًا بنظريات وفروض علمية لم ترق إلى مستوى الحقائق! ! وكغُلُوِّ آخرين في تأويل بعض السمعيات والغيبيات كالجن والملائكة وأحوال الموت والقبر والبعث ... ! .
ثم ختم البنا رحمه الله مقدمته بنصيحة تُرشد القاري إلى أسلوب عملي محدد يمرن عليه، ويلجأ إليه لفهم القرآن الكريتم، فقال تحت عنوان: (أفضل التفاسير وأقرب طرائق الفهم":
"وبعد فقد سألني أحد الإخوان عن: أفضل التفاسير وأقرب طرائق الفهم لكتاب الله تبارك وتعالى؟ .
فكان جوابي على سؤاله بهذه الكلمة:(قلبك) فقلب المؤمن ولا شك هو أفضل التفاسير لكتاب الله تبارك وتعالى، وأقرب طرائق الفهم أن يقرأ القاري بتدبر وخشوع وأن يستلهم الله الرشد والسداد، ويجمع شوارد فكره حين التلاوة، وإن يُلم مع ذلك بالسيرة النبوية المطهرة، ويعني بنوع خاص بأسباب النزول وارتباطها بمواضعها من هذه السيرة، فسيجد في ذلك أكبر العون على اللهم الصحيح السليم، وإذا قرأ في كتب التفسير بعد ذلك فللوقوف على معنى لفظ دَقَّ عليه، أو تركيب خَفي أمامه معناه، أو استزادة من ثقافة تُعينه على الفهم لكتاب الله، فهي مساعدات على الفهم، والفهم بعد ذلك إشراق ينقدح ضوؤه في صميم القلب.
ومن وصايا الأستاذ الإِمام الشيخ محمد عبده - رحمه الله - لبعض تلامذته: