ثم شرع الأستاذ أبو الأعلى في دراسة موضوع القراءات واختلافها، لما وُجد بسببها كثير من الظن والالتباس والزعم بأن القرآن لم يبقَ سليمًا، وسرد حقائق تساعد على فهم طبيعة القراءات ومداها:
١ - لم يكن الخط العربي الذي كتب به كُتّاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء حياته منقطًا أو مشتملًا على حركات صوتية، وكذا الحال في النسخة التي جمعها زيد بن ثابت في عهد أبي بكر، وكذلك النسخ التي وزعها عثمان بن عفان -رضي الله عنهم-.
٢ - مع أن صحة النص القرآني قد تأكدت في الرسم المكتوب، إلا أن انتشاره كان مشافهة، وذلك لانتشار الأمية بين الناس وندرة الورق.
٣ - عثمان -رضي الله عنه- حين أرسل إلى كل مراكز الإسلام نسخًا صحيحة من القرآن لم يكتفِ بذلك، بل أرسل مع كل نسخة قارئًا.
٤ - على كر الأيام رؤي ضرورة وجود حركات صوتية للمحافظة على قراءة القرآن الصحيحة.
يتضح من الحقائق التاريخية السالفة أن قراءة القرآن (باختلافات طفيفة جدًّا) هي القراءة نفسها التي قرأها الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ويجمع العلماء على تأكيد القراءة الصحيحة بأنها:
١ - تطابق نصّ النسخة التي وزعها عثمان -رضي الله عنه-.
٢ - تخضع لمعجم اللغة العربية واستخدامات ألفاظها وقواعدها.
٣ - القراءة المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه والواردة بحلقات متصلة وأسانيد مربوطة في روايتها.
هذا هو سبب وجود اختلافات طفيفة في قراءة القرآن، وهي اختلافات لا تتعارض مع معانيه، بل تُوسِّعها وتجعلها أكثر فهمًا، وبهذا لا يوجد أدنى شكّ في أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نفسه قد مارس هذه القراءات على اختلافها ورسمها الموجود الآن، ثم