فمعنى {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أنه سبحانه وتعالى نور هذا الكون كله.
ووضح أن كلمة {نُورُ} حين تستعمل في حق الله تبارك وتعالى تستعمل باعتبار مفهومها الأساس، وهو ما تظهر به الأشياء، أي ما كان ظاهرًا بنفسه ومُظهرًا لغيره، ولا يجوز استعمال هذه الكلمة بالمعنى الذي أوجده الذهن الإنساني، وهو الشعاع الذي ينعكس على شبكية العين ويؤثر في مركز البصر في الدماغ، وفسّر صفات الله تعالى بما يتفق مع مذهب أهل السنّة والجماعة، وهي أن كل كلمة من كلمات اللسان الإنساني تستعمل لله تبارك وتعالى إنما تستعمل باعتبار مفهومها الأساس، لا باعتبار مدلولها المادي، وجاء بأمثلة توضح هذه القاعدة، قال:"فنحن نستعمل لله تعالى كلمة (البصر) مثلًا، فليس معناها أن له عضوًا يسمى العين، ويرى به كالإنسان والحيوان، وكذلك نستعمل له كلمة (السمع)، فليس معناها أنه يسمع بأذنيه كما يسمع الإنسان، وكذلك نستعمل له كلمة (البطش والأخذ)، فليس معناها أن له آلة تُعرف باليد، فيأخذ بها كما يأخذ الإنسان بيده، فأكل هذه الكلمات إنما تُستعمل لله تبارك وتعالى على وجه الإطلاق لا بمعنى من المعاني المحدودة، ولا نكاد نظن بالنسبة لرجل له مسكة من العقل أن يقول باستحالة أن يوجد للسمع والبصر والبطش شكل غير الشكل المحدود المخصوص الذي نعرفه لها في هذه الدنيا، وعلى هذا إذا قيل عن (النور) إنه لا يوجد المصداق لمعناه إلا في صورة ذلك الشعاع الذي يخرج من جرم لامع، وينعكس على غطاء العين، فإن هذا القول لا يكون إلا من خطأ الفهم وضيقه"(١).
كما أضاف استعمالًا آخر لكلمة (النور)، وهو العلم، فمعنى الآية أن الله سبحانه وتعالى نور الكون، بمعنى أنه لا يمكن أن تُعرف الحقائق معرف مباشرة في هذا الكون إلا به سبحانه وتعالى.