ساحل له، ومن تلك الجلسة وذاك المنزل، تعدلت الفكرة، بل كانت تلك الخيمة بداية منطلق لفكرة جديدة، وأوصاه الأمير إن هو قِدَم المدينة أن يلتقي الشيخين: الشيخ عبد الله الزاحم - رحمه الله - والشيخ عبد العزيز بن صالح - حفظه الله - وفي المدينة التقى بهما وكان صريحًا معهما فيما يسمع عن البلاد، وكانا حكيمين فيما يعرضان عليه ما عليه أهل هذه البلاد من مذهب في الفقه ومنهج في العقيدة، وكان أكثرهما مباحثة معه فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح، وأخيرًا قدم للشيخ كتاب "المغني" كأصل للمذهب، وبعض كتب الشيخ ابن تيمية كمنهج للعقيدة، فقرأها الشيخ وتعددت اللقاءات وطالت الجلسات، فوجد الشيخ مذهبًا معلومًا لإمام جليل من أئمة أهل السنّة وسلف الأمة، أحمد بن حنبل - رحمه الله - كما وجد مذهبًا سليمًا لعقيدة السلف، تعتمد الكتاب والسنّة، وما كان عليه سلف الأمة، فذهب زيف الدعايات الباطلة، وظهر معدن الحقيقة الصحيحة، وتوطدت العلاقة بين الطرفين، وتجددت رغبة متبادلة في بقائه لإفادة المسلمين" (١).
عُرِف - رحمه الله - بقوته وصلابته في الحق، يزين ذلك لين ودماثة خلق مع تواضع وإنصاف مع زهد وتعفف عما في أيدي الناس، وقد كان جلُّ وقته للدرس والبحث والتعليم وقد كان بيته ملاذًا لطلاب العلم والباحثين عن الحقيقة، وقد عرف بطيبه وكرمه وقناعته فيما بين يديه.
توفي - رحمه الله - بعد أدائه لفريضة الحج يوم الخمس ١٧/ ١٢/ ١٣٩٣ هـ الموافق ١٩٧٣ م بمكة المكرمة وصلى عليه آنذاك الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمهما الله - بالمسجد الحرام، ودُفن بمقبرة المعلاة بمكة، ثم بعد ذلك أقيمت عليه صلاة الغائب في المسجد النبوي الشريف.