وهذه الاستطرادات نجد أنها عامة في الفقه وأصوله في النحو والصرف، في التوحيد، والعقيدة، في المنطق، وفي الجدل، في اللغة وفي علوم كثيرة، وهذا دليل على ما للشيخ من فضل وتبحر في هذه العلوم جميعها.
أما الملحوظة الثالثة، وهي أن الشيخ عند تفسيره لآية من الآيات الكريمة، يذكر آيات كثيرة، يرى أنها جاءت متفقة من حيث المعنى مع الآية التي يفسرها.
وهذه تكاد تكون ظاهرة في التفسير كله، وسنكتفي بمثال واحد. قال رحمه الله عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: ٢١ - ٢٢].
أشار في هذه الآية إلى ثلاثة براهين من براهين البعث بعد الموت، وبينها مفصلة في آيات أُخر.
الأول: خلق الإنسان، وذكر عشر آيات.
البرهان الثاني: خلق السموات والأرض وذكر خمس آيات.
البرهان الثالث: إحياء الأرض بعد موتها وذكر أربع آيات (١).
ويا ليت الشيخ - رحمه الله - اختصر من استطراداته، مع ما لها من فوائد كثيرة، واختصر كذلك من ذكر الآيات الكثيرة التي يريدها عند تفسير آية معينة، وفسر الآيات التي لم تُذْكَر في هذا التفسير، وهي كثيرة كما عرفت من قبل.
وهناك أمر آخر كنا نودّ أن لا يكون في هذا التفسير، وهو أن الشيخ رحمه الله قد يذكر بعض الأمور في غير موضعها الذي يجب أن تكون فيه.