للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدًا، فأحيانًا يطيل في التخريج والحكم على الأحاديث بما ليس له ضرورة، وأحيانًا لا يخرج هذه الأحاديث، وقد يستدل بها أحيانًا مع عدم صحتها.

فمثلًا: عند قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: ٢٦]، قال: "إن الشاهد هو صبي - مستدلًا بحديث ابن عباس الذي يرفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم أربعة وهم صغار: ابن ماشطة فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى ابن مريم" (١) لكن الرواية الصحيحة في الصحيحين لم يُذكر فيها شاهد يوسف (٢)، والحديث الذي ذكره رواه أحمد (٣) في مسنده والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الدلائل والبزار في كشف الأستار من قول ابن عباس وليس مرفوعًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -. والشاهد في الآية الكريمة {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} هو هو رجل عاقل تدل شهادته على رجاحة عقله، ولو كان طفلًا ما احتاج إلى هذا التفضيل في شهادته، على أن الحديث في صحيح الإمام مسلم الذي ذكر فيه من تكلموا في المهد (٤)، لم يعرض للشاهد ببراءة يوسف -عليه السلام-، وحديث مسلم مقدم على الحديث الذي ذكره الشيخ.

وعند قوله تعالى في السورة نفسها {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨)} [يوسف: ٢٨]، قال: "إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان - مستدلًا بحديث نقله عن القرطبي - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ كيد النساء أعظم من كيد الشيطان" (٥)، والحديث لم يروه أحد إلا القرطبي، ويحيى بن أبي كثير لم يسمع من أبي هريرة كما قال أبو حاتم وغيره (٦). ومقاتل لم أتبين من هو هل هو ابن سليمان أو ابن حيان وأظنه


(١) أضواء البيان، ٢/ ٢١٧.
(٢) البخاري ٣٤٣٦، ومسلم ٢٥٥٠ (٨).
(٣) مسند الإمام أحمد، ٥/ ٣٠، رقم ٢٨٢١، طبعة مؤسسة الرسالة.
(٤) صحيح مسلم ٢٥٥٠ (٨).
(٥) المصدر السابق، ٢/ ٢١٧. وانظر: تفسير القرطبي، ٩/ ١٥٠.
(٦) انظر: العلائي، جامع التحصيل، ص ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>