للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدلاله على أن من أساليب اللغة العربية: خطاب إنسان والمراد بالخطاب غيره، كقول سهل به مالك الفزاري حين زار حارثة بن لأم الطائي فوجده غائبًا، وأنزلته أخته وأكرمته وكانت جميلة فأعجبه جمالها، فقال مخاطبًا لأخرى غيرها ليُسمِعها هي:

يا أختَ خيرِ البدْوِ والحضارهْ ... كيف تَرَيْنَ في فتَى فزارهْ

أصبح يهوَى حُرَّةً معطارهْ ... إياك أعني واسمعي يا جارهْ

ففهمت المرأة مراده، وأجابته بقولها:

إني أقول يا فتَى فزارهْ ... لا أبتغي الزوجَ ولا الدَّعارهْ

ولا فراقَ أهلِ هذي الحارهْ ... فارحل إلى أهلك باستِحارَهْ (١)

والظاهر أن قولها: "باستحاره" أن أصله استفعال من المحاورة، أي: ارحل إلى أهلك بالمحاورة التي وقعت بيني وبينك.

ومن الأمثلة على ذلك أيضًا، استدلاله على أن معنى (تقعد) في قوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩)} [الإسراء: ٢٩] بأن معناها: تصير (٢).

واستدلاله على معنى (والجلود) في قوله: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠)} [الحج: ٢٠]، أي: وتصهر به الجلود. واستدلاله على ذلك بشعر لا ينبغي أن يذكر في مثل هذا السياق (٣).

ويستدل أحيانًا بمنظومات كثيرة على تفسيره للآيات وبيانه للقضايا اللغوية والإعرابية والأصولية والفقهية والعقدية وهكذا، مثل: مراقي السعود وهو من تآليف الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن عطاء العلوي، وهو نَظْم لمتن "جمع الجوامع"


(١) أضواء البيان، ٣/ ٨٤.
(٢) المصدر السابق، ٣/ ٨٤.
(٣) المصدر السابق، ٤/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>