للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أي القرآن - تقريرات شديدة ومؤيسة بالنسبة للكفار والمنافقين، كما جاء فيه آيات ... فيها جزم بمصيرهم المحتوم الرهيب من عدم الإيمان، واستحقاق الخلود في النار، مع أن كثيرًا منهم بل أكثرهم، قد آمنوا وحَسُنَ إيمانهم، وتبدل مصيرهم إلى الثواب والنعيم، واستحقوا التوبة والثناء، وقد كانت هذه الأمور وما تزال، مثار جدل وحيرة حول ما إذا كان يصح على الله المحيط بما كان ويكون، والأزلي العلم والإرادة البداء ... " (١).

وهذا كلام من الأستاذ دروزة - رحمه الله - حري أن نقف عنده وقفة متأملة لنرى ما له وما عليه، فإذا قررت آية البقرة {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)} [البقرة: ٦]، وآية يس {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠)} [يس: ١٠] وآية الكافرون {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥)} [الكافرون: ١ - ٥]، كان معنى هذا أن هؤلاء أناس بأعينهم، ثبتوا على كفرهم وعلم الله ذلك منهم، فلا يمكن أن يؤمنوا ويستحقوا الثواب، ولا نعلم أن هذه المسألة كانت مثار جدل بين العلماء، وأن من نتائجها أن يصح البداء على الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. ولا ندري لِمَ أقحم المؤلف هذه المسألة في حديثه عن خطة التفسير، كما لا ندري كيف فهم المؤلف هذا الفهم من مثل هذه الآيات، مع أن أبسط كتب التفسير لم يفتها التعرض لمثل هذه الأمور! !

وواقع الأمر أن هذه القضية التي أثارها الأستاذ لم تثر جدلًا ولا حيرة، فالبداء محال على الله تعالى عقلًا وشرعًا، وجَلَّ الله عن ذلك.

ولقد تحدث العلماء عن تلكم الآيات الكريمات التي تبين عدم إيمان بعض الكافرين، وعن الآيات التي تفتح لهم باب الرجاء.


(١) القرآن المجيد، ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>