١ - يقول إن آيتين إحداهما في (الأنبياء) وأخرى في (القصص)، تدلان على ما ادعاه، من أن العرب كانوا على علم بالقصص قبل نزولها. والآية الأولى قوله تعالى: {بَلْ قَالوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥)} [الأنبياء: ٥].
والعجيب من المؤلف، كيف جعل من هاتين الآيتين حجة له ودليلًا. الآية الأولى يظهر فيها اضطراب القوم، وسرعة تحولهم وتشتت أفكارهم، والذي أشارت إليه الآية، أنهم طلبوا آية كما أرسل الأولون، وليس في هذا دليل على معرفة القصص والوقائع.
وأما الآية الثانية فإنهم طلبوا فيها مثلما أوتي موسى، ولقد كان أمر موسى - عَليه السَّلَام - من الشهرة بحيث لا يجهله أحد من العرب أو من غيرهم، على أن هذه الآية ليست أول آية تحدثت عن سيدنا موسى - عَلَيه السَّلَام - في القرآن. هذا مع أن كثيرًا من المفسرين ذهب إلى أنَّها نزلت في شأن اليهود، بدليل قوله تعالى بعد طلبهم هذا {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}. وأيأ ما كان الأمر فليس في الآية من قريب أو بعيد ما يشير إلى ما ذهب إليه المؤلف الفاضل رحمه الله.
٢ - وما يستدل به المؤلف لرأيه أن هذا القصص، لو لم تكن معروفة عند العرب، ما كان لها هذا التأثير في نفوسهم، وما كان لها الموقع الذي وقعته في قلوبهم، لأن الأمر إذا كان معلومًا لدى المرء، وقع موقع الرضا والاستحسان، أما إذا كان مجهولًا فليس له هذا الأثر. أفلا يكون الأمر على العكس من ذلك تمامًا؟ !
٢ - ومما يؤيد به المؤلف رأيه، أن أعلامًا ذكرت في القرآن كإبراهيم وطالوت وجالوت وهاروت وماروت وقارون، وهي معربة، مما يعني أنهم كانوا يعرفون هذه