للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر المؤلف - قالوا: إنها آية السيف، أو نسخوا بها محكمًا، كما لا أعرف مفسرًا واحدًا بتر هذه الجملة القرآنية وحدها، دون النظر إلى ما بعدها، والعجيب من المؤلف كيف ينقل هذا القول متهمًا المفسرين بعدم الدقة والموضوعية وفهم السياق القرآني.

وفي الآية الثالثة: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، يقول المؤلف: "فكثير من المفسرين ينظرون إلى هذه الآية مستقلة عن سابقتها، ويحارون في تأويل جملة {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالوا} حتى قال غير واحد منهم: إن الجملة من مشكلات القرآن، واضطروا إلى اعتبار (لما) بمعنى (عن ما)، وقالوا إن الجملة تعني: ثم يرجعون عما قالوا عنه ويرغبون في معاشرة أزواجهم، أو إلى تأويلات أخرى، هذا مع أن الآية متصلة كلّ الاتصال بسابقتها، فلو لوحظ ذلك لما كان هناك محل لهذه الحيرة والإشكال والتأويل.

فالآية الأولى نددت بالمظاهرين والظهار، عَدَّته عملًا منكرًا، ثم انتهت بمقطع {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)} [المجادلة: ٢]. فكأنما تقدمت باستنكار الظهار من حيث المبدأ، وتقرير أن الله يعفو ويغفر للمظاهرين، قبل نزول هذا الاستنكار، وبالتالي قبل نزول الآيتين على اعتبار أنه لم يكن مستنكرًا ومنهيًا عنه.

ثم أعقبتها الثانية لتقرر الحكم الإسلامي، فالذين يعودون إلى ما نهوا عنه واستنكروا، أي: الظهار، بعد ذلك الاستنكار والوصف، تجب عليهم الكفارة قبل معاشرة أزواجهم؛ لأنهم يكونون قد أتوا بعمل عده القرآن منكرًا وزورًا" (١).

وهذا القول لا يحل الإشكال الذي نقله المؤلف عن كثير من المفسرين، بل لقد زاد المسألة تعقيدًا، فإن هذا القول لا يتفق مع السياق ولا مع المأثور، أما أنه لا


(١) القرآن المجيد، ص ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>