وأترك ما لا يحتاج للتفسير مما هو معلوم بداهة ... وكل جملة ختمتها بالأصح أو الصحيح أو المعتمد أو الأوْلى، فهي في مقابلة أقوال لم تثبت لدي صحتها وأرجحيتها، وما قرنته بقيل، أو قالوا، أو ذكروا، أو رأوا، فهو دليل على ضعفها وعدم الاعتماد عليها. وما بدأته بلا بأس فهو خلاف الأوْلى، وما تركه أحسن من فعله، وما بدر مني في لفظ أقول أو نقول أو شبهه، في كل ما يدل على التعظيم، فهو لتعظيم العالمِ المنقول عنه، أو لتعظيم العلم نفسه لا لنفسي، وقد يكون من قبيل التحدث بالنعمة والامتنان. قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتعظم بالعلم"(١) وما ذكرت من (أرى هذا) أو (هو الأصوب) أو (الأحوط أن يؤخذ به)، فهو عبارة عن قول استحسنته من أقوال كثيرة". ثم يذكر أن ما قدمه هو الأصح، إلا إذا صرح بخلافه. ويستمر في ذكر بقية مصطلحاته. وهكذا أخرج سفره العجيب كما يسميه. وحقًّا إنه لعجيب! بل وأي عجيب! ولهذا العجيب سوف يكون حديثي عن هذا التفسير، مباينًا لما تناولت به التفاسير السابقة، من تحليلات لما ورد فيها من موضوعات، وبيان آراء أصحابها حول بعض المسائل، وذكر المميزات التي يمتاز بها كل تفسير. بل سأكتفي بنقل نماذج من هذا التفسير ففي كل نموذج منها العجب العجاب. وقد لا أعلق على كثير منها، لأن الأمر من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تعليق. وسنرى الاستطراد والإغراب والقصص العجيبة والآثار الواهية بل والموضوعة والحكايات الغريبة، وسنرى ما هو أعظم من ذلك وأشد خطرًا على الدين وأهله. كل هذا سنطالعه في هذا التفسير الجامع المانع وهذا السفر العجيب!
(١) هذا الحديث الذي أورده الكاتب هكذا، لا ندري كيف يجوز له أن يأتي بهذا الإطلاق، دون بيان سنده ورتبته! .