للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقول ابن عباس الذي مر معنا (لا تسألوا أهل الكتاب) وهو في صحيح البخاري، وكإنكار ابن مسعود رضي الله عنه على أحد القصاص، وهو يفسر الدخان في قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] (١)، وكإنكار عائشة رضي الله عنها لما قاله كعب، من أن الله قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد عليهما السلام وقولها (قف شعري)، وكإنكار عمر رضي الله عنه على كعب في حديثه عن الأوائل وتهديده له بالنفي، وكإنكار علي رضي الله عنه لأخبار القُصّاص.

خامسًا: إن الصحابة رضوان الله عليهم، لم يكونوا ليمتنعوا عن سؤال ما لم يفهموه من القرآن، كما لم يمتنعوا ولم ينكروا على من أراد فهم شيء من كتاب الله كما يدعي بعض الكاتبين، فقد ورد في صحيح البخاري (٢) عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: قال رجل لابن عباس إني لأجد في القرآن أشياء تختلف عليّ قال: ما هي؟ قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] وقد مرت الرواية معنا من قبل.

سادسًا: اتسعت دائرة الاختلاف في التفسير في عهد التابعين، وذلك بحكم التطور وما ورد عليهم من أخبار غيرهم، كالاختلاف في بعض المبهمات، كمائدة عيسى عليه السلام، أأنزلت أم لا؟ إلا أن اختلافهم في التفسير لم يكن اختلاف تضاد، كما يقول ابن تيمية. قال رحمه الله في مقدمته في أصول التفسير: (وغالب ما يصح عنهم من الخلاف، يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وذلك صنفان. أحدهما أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر،


(١) البخاري كتاب التفسير/ سورة الدخان.
(٢) صحيح البخاري/ كتاب التفسير/ سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>