والمواليد الثلاثة والحركة القسرية" يقول: فيه: "قال -صلى الله عليه وسلم- لما عرج بي إلى السماء، بكت الأرض من بعدي، فنبت الأصفر (أي الزهر الأصفر) فلما رجعت قطر عرقي على الأرض، فنبت الورد الأحمر، ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر" [رواه أنس مرفوعًا]. قال أبو الفرج النهرواني: هذا قليل من كثير مما أكرم الله نبيه .. ولهذا جرت العادة أن من يشم وردًا له رائحة طيبة، يصلي على محمد -صلى الله عليه وسلم- أخذًا من هذا. ونظيره على ما قيل: إن حواء -عليها السلام- لما هبطت إلى الأرض بكت فما وقع من قطرها في البحر صار لؤلؤًا، وما وقع في الأرض صار زهرًا ... ومنه أن إبراهيم -عليه السلام-، ذرى كفًا من كافور الجنة، فما وقع منه ذرة في الأرض إلا صارت سبخة ... أَبَعْدَ هذا الذي أعطاه الله عباده مؤمنهم وكافرهم، يستغرب أن يمنح من خلق الكون لأجله ما قرأته وسمعته؟ ".
ونحن نجلّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن مثل هذه الترهات، كما نرفض أن تكون رائحة الورد الأحمر والأصفر والأخضر، وأن تكون رائحة المسك والفل والعنبر -لا أقول شبيهة بل قريبة- من رائحته الزكية وشذاه الطيب -صلى الله عليه وسلم-، كما أستنكر أن يسكت العلماء عن هذه وأمثالها. فيسمح لكل واحد أن يخوض فيما يسميه "تفسير كتاب الله". والحق أقول: إن العلماء مقصرون، إن هم غضوا طرفًا عن مثل هذه الأمور، وأسأل الله العفو عنا.
وفي المعجزة السابعة والثلاثين، يذكر "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في معراجه بحرًا أخضر، فسأل جبريل عنه فأجابه بأنه بحر في الهواء، لا شيء فوقه ولا شئ تحته، ولولاه لأحرقت الشمس الدنيا وما فيها. ويعلق بأنه إن ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو لا ينطق عن الهوى، ينبغي أن نصدق به، وإلا فإن تصديق ما لا مضرة له في الدين أحسن من تكذيبه"! ! وهذا كلام ساقط عند أهل العلم، وذلك لأننا في مسائل العقيدة والدين، ينبغي أن نقف عند حدود كتاب الله وصحيح سنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. وهنا أراني مضطرًا أن أكتفي بما ذكرت، لا لأنه أغرب مما سكت عنه، فهناك ما هو أكثر غرابة من هذا! ! ولكني لا أود أن أضيع الحبر سدًى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.