للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

وبعد ذلك قال ابن عاشور: "وعندي أنه إن كان حديث عمر وهشام بن حكيم قد حَسُن إفصاحُ راويه عن مقصد عمر فيما حدّث به، بأن لا يكون مرويًّا بالمعنى مع إخلالٍ بالمقصود -أنه يحتمل أن يرجع إلى ترتيب آي السور، بأن يكون هشام قرأ سورة الفرقان، على غير الترتيب الذي قرأ به عمر فتكون تلك رخصة لهم في أن يحفظوا سور القرآن بدون تعيين ترتيب الآيات من السورة، وقد ذكر الباقلاني احتمال أن يكون ترتيب السور من اجتهاد الصحابة، كما يأتي في المقدمة الثامنة، فعلى رأينا هذا تكون هذه رخصة. ثم لم يزل الناس يتوخّون بقراءتهم موافقة قرإءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان ترتيب المصحف في زمن أبي بكر على نحو العَرْضة الأخيرة التي عرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجمع الصحابة في عهد أبي بكر على ذلك؛ لعلمهم بزوال موجب الرخصة" (١).

واعلم أن هذا التفسير من ابن عاشور لم يقل به أحد من المتقدمين، ولا أظن أن يقول به أحد من المتأخرين، وهو بعيد عن تفسير هذا الحديث بُعدًا عظيمًا؛ إذ كيف يمكن أن يكون دالًا على ذلك، وقد سبق أن ابن عاشور قال: إن ترتيب الآيات توقيفيّ من زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وهذا كلام يذهب برونق الإعجاز وبهاء النظم، وما دَخْلُ الترتيب في قوله في الحديث ... (الكبير والشيخ والهرم) ونحو ذلك؟ !

ثم كيف تكون الرخصة بسبعة أحرف على هذا التأويل؟ إنّ هذا التأويل للحديث لم يحُمْ حول التحقيق، ولا كان لصاحبه فيه فضل ولا توفيق. وقد تناقض تفسيره في ١/ ٦٣ حيث قال: "على أنه يجوز أن تكون إحدى القراءات نشأت عن ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - للقارئ أن يقرأ بالمرادف تيسيرًا على الناس كما يُشعِر به حديث تنازع عمر مع هشام" ومع هذا التناقض بين القولين إلا أن هذا يوهم أن القراءات


(١) التحرير والتنوير، ١/ ٥٩.
(٢) التحرير والتنوير، ١/ ٧٩. وكذلك ابن عاشور ومنهجه في التفسير للريس، ص ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>