للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

وعلى كل حال فهذا القول الثاني الذي شفع به ابن عاشور القول الأول لا يغني في فتيل ولا قطمير، والأرجح في هذه الآية ما ذكره شيخ شيوخنا الدكتور فضل حسن عباس -رحمه الله- في تفسيرها حيث قال سورة طه هي السورة الوحيدة التي حدثتنا عما حصل لموسى -عليه السلام- من خوف، وكان حريًا به أن لا يكون منه ذلك، فهارون أولى به منه، لأنه لم يشاهد ما شاهده موسى، ولم يشرف بمناجاة الحق قال تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧)} [طه: ٦٧]، فكان حريًا به أن يكون رابط الجأش، ثابت الجنان، من أجل ذلك يلوح لي أن هارون -عليه السلام- قُدِّم في هذه السورة، وهي قيمة قرآنية عظيمة حري بنا أن نقف عندها ونتدبرها، وهي تقدير كل عامل بعمله (١).

وإذ وقع الإغراب في تأويل هذه الآية بما سمعت قبلًا، فلا أعجب من احتفال السيد الحسناوي برأي ظنه راجحًا وهو قوله: إن هناك وجهًا بيانيًا بعيدًا، يصور الحال النفسية التي كان عليه السحرة، لما ظهرت معجزة موسى فألقوا سجدًا يتلعثمون بالشهادة كحال العبد الذي فرح بلقاء راحلته بعد ضياعها ... وذكر الحديث (٢).

وهذا التأويل غريب كل الغرابة، وهو يناقض الآيات بعد، التي ذكرت أن السحرة ثبتوا على إيمانهم مع تهديد فرعون لهم بالصلب فكيف يكون حال المتلعثم بالكلام لا يدري ما يقول؟ هل يثبت بإيمان يزلزل كيان فرعون أم حين يحس بالخطر يتراجع؟ !

ومما عرض له الشيخ ما سماه بمبتكرات القرآن الكريم، ويعني بها ما جاء في الألفاظ والأساليب التي لم تكن معهودة لدى العرب قبل نزوله، وقد عرض الشيخ لهذه المبتكرات في المقدمة العاشرة؛ ومن هذه المبتكرات: أنه جاء على أسلوب يخالف


(١) المفردات القرآنية، ص ٤٥.
(٢) المصدر السابق، ص ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>