للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

وقال الشيخ عند تفسير الموضع الثاني: {وَجْهُ رَبِّكَ}: ذاته، فذكر الوجه هنا جاء على عرف كلام العرب، قال في الكشاف: والوجه يعبر به عن الجملة والذات انتهى.

وقد أضيف إلى اسمه تعالى لفظ الوجه بمعانٍ مختلفة منها ما هنا ومنها قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، وقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: ٩].

وقد علم السامعون أن الله تعالى يستحيل أن يكون له وجه بالمعنى الحقيقي، وهو الجزء الذي في الرأس. وقد اصطلح علماء العقائد على تسمية مثل هذا بالمتشابه، وكان السلف يحجمون عن الخوض في ذلك مع اليقين باستحالة ظاهره على الله تعالى، ثم تناوله علماء التابعين ومن بعدهم بالتأويل تدريجًا إلى أن اتضح وجه التأويل بالجري على قواعد علم المعاني فزال الخفاء، واندفع الجفاء وكلا الفريقين خيرة الحنفاء ... ولما كان الوجه هنا بمعنى الذات وصف بـ (ذو الجلال) أي العظمة. و (الإكرام) أي المنعم على عباده، وإلا فإن الوجه الحقيقي لا يضاف للإكرام في عُرف اللغة، وإنما يضاف للإكرام اليد، أي فهو لا يفقد عبيده جلاله وإكرامه. وقد دخل في الجلال جميع الصفات الراجعة إلى التنزيه عن النقص، وفي الإكرام جميع صفات الكمال الوجودية، وصفات الجمال كالإحسان (١).

قلت: وهذا الكلام لا أعلم له مخالفًا عند متكلمي الأشاعرة إلا من نحا إلى عدم التأويل كالباقلاني والبيهقي (٢) وقد جاء في المواقف أن الأشعري والباقلاني نحيا به إلى المذهب الآخر، أي: فسراه بأنه الوجود (٣). ونكتفي هنا بإيراد ما ذكره الطبري وابن كثير.


(١) ٢٧/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) راجع: المصادر المذكورة في الحديث عن اليد.
(٣) انظر: حاشية السيد على المواقف، ص ٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>