[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
يقول:"فكلمة مشرك ومشركين ومشركات، كلها إذا ذكرت في القرآن انصرفت إلى عبدة الأوثان من غير آية قرينة دالة على ذلك؛ لأنَّها صارت في الإسلام حقيقة عرفية عليهم، ولا تطلق على اليهود والنصارى وإن قال الله سبحانه عن النصارى:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣]، وعن اليهود:{وَقَالتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}[التوبة: ٣٠]، إذ صار لفظ المشركين اسمًا لجنس معين، ولذا كان يذكر النصارى واليهود بعنوان أهل الكتاب، وعبدة الأوثان باسم المشركين، فقد قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)} [البينة: ١] فذكر في هذه الآية الكريمة الجميع بعنوان الكفر"(١).
ونحن إذا استعرضنا آي القرآن الكريم، لا يسعنا إلا أن نعجب من أقوال الشيخ، فهذه آيات من سورة النساء تتحدث عن أهل الكتاب. تبدأ بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤)} [النساء: ٤٤]، وتنادي أهل الكتاب بنداء خاص بهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} جاء في سياقها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)} [النساء: ٤٨] ولقد تنبه العلماء إلى سر ختم هذه الآية بهذه الخاتمة الكريمة، وسر ختم الآية التي تشابهها في السورة نفسها بقوله: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦)} [النساء: ١١٦] فقرروا أن الآية الأولى تحدثت عن أهل الكتاب، والآية الثانية عن الوثنيين.
وهذه آيات سورة براءة التي استشهد الشيخ بجزء منها، ترد ما ذهب إليه الشيخ بسياقها فحسب، بل ترده بنصها في أكثر من موضع، قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا
(١) لواء الإسلام، العدد الثاني عشر، السنة الخامسة، ص ٧٢٧.