عن ابن عباس رضي الله عنهما قضى: أمَرَ روعن مجاهد: أوحى، وعن الربيع بن أنس: أوجب.
وهذه التفسيرات معناها متقارب ولا تأثير لهذا الاختلاف على معنى الآية.
الثاني: اختلاف في اللفظ والمعنى والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما فتحمل الآية عليهما وتفسّر بهما.
مثاله: اختلاف المفسّرين في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: ١٧٦] فقد قال ابن مسعود: هو رجل من بني إسرائيل، وقال ابن عباس: هو رجل من أهل اليمن، وقيل: رجل من أهل البلقاء. ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأن تكون ذكرت على وجه التمثيل لما تعنيه الآية أو التنويع.
الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى والآية لا تحتمل المعنيين معًا للتضادّ بينهما فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلالة السياق أو غيره من المرجحات.
ومثاله: الخلاف في المراد بمن في يده عقدة النكاح في قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧]. فقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه - أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، وقال ابن عباس: هو الوَلِيُّ. والراجح عند العلماء هو الأول لدلالة المعنى عليه، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).