للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

وإذا كان صاحب المنار قد استدرك على تفسيره بجملة من الأحاديث ثم بيّن أنَّها لا تعارض مع ما ذهب إليه الإمام فإن الشيخ أبا زهرة لم يشر ولو بلمحة إلى أن هناك حديثًا مرويًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير المغضوب عليهم ولا الضالين بل إنه عزا تفسير {الضَّالِّينَ} إلى قول بعض العلماء فقال: "والضالون قال بعض العلماء: إنهم النصارى" (١).

ولقد ردّ الشيخ فضل عباس على هذا المسلك عند الإمام محمد عبده في رسالته "اتجاهات التفسير" بما لا مزيد عليه.

- تفسيره لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}:

قال: "والطريق الذي بيَّنه موسى هو قوله: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: فابخعوها واجعلوها مطية ذلولًا للعقل والإرادة، واقطعوا شهواتها، والتعبير عن ذلك بقتل النفس، لأن النفس الفاجرة الضالة إذا فُطِمت عن الشهوات كأنها قُتِلت، وحلّمت محلها النفس الطاهرة اللوامة التي تقهر الشهوات قهرًا، والشرور دائمًا من الأهواء والشهوات، وقد جاء في الأمثال عند أهل المعرفة "من لم يعذب نفسه لم ينفعها، ومن لم يقتلها لم يحفظها" وتعذيب النفاس الذي يريده أهل المعرفة هو فطمها عن الشهوات.

وقد أخذت الكثرة من المفسرين بظاهر اللفظ وهو القتل، ورووا في ذلك روايات عن بعض الصحابة لم يصحّ سندها، وبالأولى لم يصح كلام في نسبته إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستعمال القتل والبخع بالنسبة للنفوس، وإرادة غير الظاهر كثير في كلام العرب، وفي القرآن كقوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣] (٢).


(١) أبو زهرة، ١/ ٧٠.
(٢) أبو زهرة، ١/ ٢٣٤ - ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>