للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيرًا ما ذكر أنه يرجع (كتابه) في تفسير معاني الألفاظ إلى من يُدْعى أبا الجلد، والظاهر أنه غيلان بن فروة الأزدي الذي كان يثني عليه بأنه قرأ الكتب، وقد ذكرت بنته على وجه الخصوص أن أباها كان يقرأ القرآن كل سبعة أيام، ويختم التوراة كل ثمانية أيام بالروية والفهم -يبدو أن سبعة أيام إلى ثمانية أيام كانت تعد مدة وسطًا لختم القرآن بفهم- وكان يدعو جماعة كبيرة من الناس احتفالًا بكل مرة يختم فيها التوراة، ويرى أن هذا العمل الصالح يستوجب رحمة الله ورضاه.

ولا يتضح حقًّا من هذا الخبر الغامض الذي ربما زادته مغالاة ابنته غموضًا، أي نسخة من التوراة كان يستخدمها في دراسته، وكثيرًا ما نجد بين مصادر العلم المفضلة لدى ابن عباس اليهوديين اللذين اعتنقا الإسلام: كعب الأحبار وعبد الله بن سلام، كما نجد أهل الكتاب على وجه العموم أي رجالًا من طوائف ورد التحذير من أخبارها -عدا ذلك- في أقوال تنسب إلى ابن عباس نفسه، ومن الحق أن اعتناقهم للإسلام قد سما بهم على المظنة، ورفعهم إلى مرتبة مصادر العلم التي لا تثير ارتيابًا، ولم يعدُ (أوتولوث) شاكلة الصواب إذ يتحدث عن مدرسة ابن عباس ذات المسحة اليهودية وأخبار الكتب السابقة، التي ذكر كثيرًا عنها من الفوائد، بل كان يسأل أيضًا كعب الأحبار مثلًا عن التفسير الصحيح للتعبيرين القرآنيين: أم الكتاب، والمرجان.

كان يفترض عند هؤلاء الأحبار اليهود، فهم أدق للمدارك الدينية العامة الواردة في القرآن في أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان يرجع إلى أخبارهم في مثل هذه المسائل على الرغم من ضروب التحذير الصادرة من جوانب كثيرة فيهم.

ففي تعيين وقت الجمعة الذي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أداء المسلم الصلاة فيه لا بد أن يقبل، ذكر أن أبا هريرة طلب بيان ذلك عند كعب الأحبار وعبد الله بن سلام، وذلك بأنهما يعرفان التوراة التي لا بد أن يوجد فيها مثل ذلك، والظاهر أن المحور

<<  <  ج: ص:  >  >>