أما إذا اختل الشرطان الآنفان أو أحدهما، لم يخل أمر ذلك المأثور عن الصحابة من حالين، الأول: أن يعرف كونه محلًا لاجماع الصحابة وأنه لم يشذ عن القول به أحد منهم. والثاني.: أن لا يعرف كونه محلًا للإجماع، بأنه كان مجالًا لاختلافهم، أو لا يعرف فيه إجماع ولا اختلاف، فالأول يجب الأخذ به، لأن الأمة معصومة في كل عصر من عصورها لا سيما عصر الصحابة، فقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله (لا تجتمع أمتي على الضلالة)، وأما الثاني فإنه يترجح عند أهل السنة والجماعة الأخذ بمقتضى مأثور الصحابة في تفسير القرآن، فهم أخبر الناس بالتنزيل وقد حضروا الوحي وشهدوا وقائع التنزيل، ولهم فوق هذا كله من العلم التام والعلم الصحيح ما ليس لسواهم، ويذكر أن الخلاف في التفسير عند الصحابة اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ويتجلى لك من هذا الاختلاف مظاهر أربعة:
الأول: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى.
الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل.
الثالث: أن يكون اللفظ محتملًا للأمرين إمّا لكونه مشتركًا لفظيًا في اللغة أو لكونه مشتركًا معنويًا.
الرابع: أن يعبروا عن المعاني بألفاظ مقاربة لا مترادفة.
وينتقل للحديث عن المفسرين من الصحابة، وهو لا يتحدث في هذا الجزء من كتابه إلا عن عبد الله بن عباس، -رضي الله عنهما- ويحدثنا عن مولده ونشأته وحرصه على طلب العلم وشدة تواضعه له ولأهله، وعلمه وفضله، فقد بلغ الذروة العليا من العلم لأسباب أربعة هي: