دراسة البيئة التي نزل فيها القرآن، وعوامل تكوينها سواء أكانت تلك البيئة طبيعية أم اجتماعية. وما قرره الشيخ، قرره علماء من قبله، كالشاطبي في كتاب الموافقات، ولكن ليس إلى الحدّ الذي قرره الشيخ.
وثانيًا: على دراسة في القرآن نفسه، ويبين الشيخ هنا أن دراسة القرآن كما يعرضها المفسرون ليست سوية، إذ هم يعرضون لكل آية على حدة، والطريقة المثلى عنده أن يدرس القرآن كموضوعات فتؤخذ آيات في الموضوع الواحد على أنها مجموعة متكاملة، ويبدأ دراسة المفردات دراسة واعية، حيث لا توجد معاجم كافية، والمعجم الوحيد هو مفردات الراغب، ولكنه بدائي كما يقول، فدراسة اللفظة القرآنية ينبغي أن يراعى فيها أصل وضعها، ومدلولها في العهد الذي نزلت فيه. والتطورات التي جدت عليها بعد ذلك، ولهذه الناحية يمنع التفسير العلمي لأن مدلولات الألفاظ في العهد النبوي، لم تكن لتحمل المعاني العلمية المستحدثة (١). وما قاله صحيح، ولكن إذا كان هذا التفسير لا يتعارض مع ما أثر عن النبي الكريم عليه وآله الصلاة والسلام أو مع اللغة نفسها.
وبعد دراسة المفردات تأتي دراسة المركبات على أن لا تطغى الصنعة البلاغية والنحوية على تلك الدراسات، ويستشهد لذلك المنهج الذي رسمه بدراسات العهد القديم والجديد حيث وضع لما ورد فيها من أزمنة وأمكنة وأعلام وحوادث ومفردات دراسات مختلفة كل على حدة.
وأعتقد أن دراسة تلك الكتب تختلف عن دراسة القرآن مضمونًا ولغة، فهي لا تتمتع بتوافر الإسناد أولًا، ولم تثبت في لغتها التي نزلت فيها ثانيًا، ولم تسلم لغتها من التغيير والتطور ثالثًا، كما سلمت لغة القرآن، فاللغة الإنكليزية مثلًا، إذا سمع أبناؤها إنسانًا قبل شكسبير يتحدث بها، لم يفهم سوى القليل منهم القليل منها،