حدده. ولم يأمر بالتعدد وإنما رخص فيه وقيده لمواجهة واقعيات الحياة البشرية، وضرورات الفطرة الإنسانية. وهو ينعى على أولئك الذين يسمحون لأنفسهم، بالتطاول على شريعة الله بقوله (هذه الرخصة -مع هذا التحفظ- يحسن بيان الحكمة والصلاح فيها، في زمان جعل الناس يتعالمون فيه على ربهم الذي خلقهم، ويدعون لأنفسهم بصرًا بحياة الإنسان وفطرته ومصلحته، فوق بصر خالقهم سبحانه. ويقولون في هذا الأمر وذاك بالهوى والشهوة وبالجهالة والعمى. كأن ملابسات وضرورات جدت اليوم، يدركونها هم ويقدرونها، ولم تكن في حساب الله -سبحانه- ولا في تقديره يوم شرع للناس هذه الشرائع! .
وهي دعوى فيها الجهالة والعمى، بقدر ما فيها من التبجح وسوء الأدب، بقدر ما فيها من الكفر والضلالة! . وهم يتبجحون على الله وشريعته، ويتطاولون على الله وجلاله، ويتوقحون على الله ومنهجه، آمنين سالمين غانمين مأجورين من الجهات التي يهمها أن تكيد لهذا الدين! ).
هذه مسائل من التشريع الاجتماعي في الاتجاه الفقهي، رأينا كيف عالجها العلماء، وكيف كانت مواقفهم من النص القرآني، وهي معالجات تخضع لروح العصر وتطوراته، أكثر مما تخضع للنص نفسه عند بعضهم، وتحكم النص أول ما تحكم عند بعض آخرين. والحق أن ما في القرآن من تشريعات اجتماعية، لا تصلح للمجتمع فحسب، بل لمن يصلح المجتمع إلا بها.