للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ... الحديث) (١) والنصوص في ذلك كثيرة، فالقرآن الكريم والشريعة -إذن- لا ينبغي أن نضيق دائرتها لنحصرها في الأمة الأمية وحدها.

٢ - إن قول الشاطبي -رحمه الله- إن الشريعة أمية جدير بالمناقشة، إذ لا يلزم من أمية الأمة، أمية التشريع، فهذه الشريعة التي أكرمنا الله بها نجدها -ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين- تفوق كل ما وصل إليه الإنسان المتمدين في مجالات الحياة وأنواع التشريع، فليست أمة الشريعة وأمية الأمة سواء.

٣ - ليس معنى كون الأمة أمية أنها ستبقى كذلك، فلقد أكرم الله الإنسانية بهذا الدين، وبهذا الكتاب الخالد، وبهذا النبي العظيم عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، لتسعد الإنسانية وتصعد، وتنهض الأمة بأعباء هذه الرسالة الخالدة، فينقطع دابر الجهل، وتصل إلى أسرار هذا الكون الذي سخره الله لنا سماءه وأرضه وفي ذلك آيات كثيرة منها قول ربنا: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: ٢] فليس من منطق التاريخ أن تظل الأمة أمية في عصورها كلها. ثم ماذا نقول عن أولئك الذين دخلوا في الإسلام من غير الأميين، كيف يتأتى لهم في مجالات حياتهم، أن تكون الشريعة التي يدينون بها ويخضعون لها أمية لا تتسق مع أوضاعهم، ولو كان ذلك مقبولًا لرفض أئمة المسلمين وعلماؤهم ومفكروهم جميع العلوم والمعارف التي تتنافى مع هذه الأمية.

إن الواقع والتاريخ يشهدان لغير ذلك، لقد هضم المسلمون أنواع المعارف جميعها فأنتجت لهم نوعًا من المعرفة المتصلة بكيانهم، وهي التي


(١) أخرجه البخاري في كتاب التيمم (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>