العلم. واستخرج بعضهم العلوم من كلمات وردت في القرآن، كالحياكة والنجارة والحدادة، وأعتقد أن هذا تكلف ظاهر، تنبو عنه آيات القرآن في رفعتها.
٢ - أما المحدثون فإن لهم من التكلفات، وعليهم من المآخذ أشياء كثيرة. فمن ذلك ما ذكروه في تفسير قول الله تعالى:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق: ٤]، بأن المقصود به الهواء وهو كما ترى ظاهر التكلف.
وقد قالوا في تفسير قول الله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف: ١٠٩]، بأن المقصود بالكلمات هنا، إنما هي سعة الكون والمادة فيه، ولا أظن النفس تطمئن إلى مثل هذا التفسير.
والأنكى من هذا أنهم أرادوا تفسير الآيات التي وردت في يوم القيامة، كتسيير الجبال ودكها، وتسخير البحار وتفجيرها، تفسيرًا يخضع لظواهر العلم. مع أن هذه الآيات وردت في يوم، تتغير فيه القوانين الطبيعية، والسنن المألوفة فكان من الخير عدم التعرض إلى مثل هذا. ويكفي أن نطبق قواعد العلم وقوانينه على دنيانا.
ومن هذا القبيل ما فسروا به قول الله تعالى:{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[الحج: ٤٧]، بأن اليوم مقدار دورة أحد الكوكب حول نفسه، فدورة الأرض مثلًا تتم في أربع وعشرين ساعة. ودورة الشمس تتم في سنة كاملة.
وهناك كواكب لا تتم دورتها إلا في ألف سنة. ونحن إذ نسلم بأن هناك كواكب قد تحتاج لإتمام دورتها إلى آلاف السنين أو كثر لكن لا نسلم بجعل هذا تفسيرًا لهذه الآية. فقد ورد قول الله تعالى:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: ٥]، والآية التي ذكروها أعتقد أن سياقها يوضح معناها. وهذا نص الآية {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} كأنه يقول لهؤلاء والله أعلم بحقائق كتابه، لم هذه العجلة؟ إن الله ليملي لكم، وما ترونه بعيدًا فإنه قريب عند الله.