والتثقيف فحسب، وإنما في تربية الوجدانات والمشاعر، وهي تسير مع القرآن خطوة بعد خطوة. وسيجد القارئ وهو يتتبع آيات القرآن كما أنزلها الله، آثار هذا الإعجاز: فهذه قصة آدم، وردت في عدة سور وكان أولها نزولًا ما جاء في سورة (ص)، وآخرها ما جاء في سورة (البقرة)، والناظر في هذه القصة في سورها التي وردت فيها حسب ترتيب النزول، يجد العجب العجاب وهو أنه لا تكرار أبدًا، وإن كل سورة جاءت بجديد في هذه القصة -وهكذا الموضوعات القرآنية- فسورة الأعراف زادت على ما ذكرته سورة (ص)، حيث بينت المداخل التي دخل إبليس إلى آدم منها من أجل خديعته. وذلك في قول الله تعالى:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَال مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}[الأعراف: ٢٠]. كذلك سورة (طه) بينت شيئًا جديدًا عن طبيعة الجنة التي كان فيها آدم: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: ١١٨ - ١١٩]، وتأتي سورة الحجر لتبين تفصيلًا آخر عن الطين الذي خلق منه آدم {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}[الحجر: ٢٦]. وهكذا كل سورة من سور القرآن، في هذا الموضوع وفي المواضع كلها. من هنا كان خطر التفسير الموضوعي وشأنه العظيم، فنحن اليوم أمام موضوعات كثيرة مختلفة تمس واقعنا السياسي، والاقتصادي والفكري. وقبل ذلك كله الخلقي والعسكري فنحن أحوج ما نكون إذًا إلى تجلية هذه الموضوعات، على أساس من هدي القرآن ومنهجه. وحكمته في إسعاد هذه الأمة، نحن في حاجة إلى هذه الموضوعات لتثقف عقولنا وتهذب نفوسنا، وتردّ شبهًا يحوم بها حولنا الخصوم، وتكون لنا منهاج حياة.