والسياسية والاجتماعية والعقائدية. كما ينظم قيمهم الأخلاقية ومعايير العلاقات فيما بين بعضهم بعضًا. وهو بالدلالة الأولى قد فسر التفسير الكافي أو الأقرب إلى الكفاية، لكنني أظن أنه لم يفسر بدلالته الثانية بما يكفي حتى الآن.
أما أولًا: فإن قوله: إن للقرآن دلالتين كلام ليس له دلالة، فلا أدري ما الفرق بين الدلالة الأولى والثانية. فالكلام ألفاظ لها معانيها، والقرآن هو كلام الله المتضمن ما فيه سعادة البشر وليس المسلمين فقط. فلا يمكننا إذًا أن نقول إنَّ هناك معنيين يختلف أحدهما عن الآخر، أو ينفرد أحدهما عن الآخر: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٥ - ١٦]، {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢]، ولكن هدف الكاتب من وراء ذلك، هو ما عبر عنه بوجود ظاهرتين للدين: إيمانية ودنيوية والدنيوية تخضع للظروف التاريخية والاجتماعية، فإذا تغيرت الظروف وتغيرت النظم، وتبدلت القيم واختلفت الموازين، فلا بد أن تغير نتيجة لذلك هذه المعاني الدينية. وهذا معنى قوله بوجوب تعصير الإسلام وتجديده، وتطوير معناه، وكأنه ظن أن الإسلام نظرية كنظريات داروين، أو ماركس أو لينين أو سارتر، ونسي أن الإسلام في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، هو فوق النظريات والتجديد والتعصير والتطوير.
وأما ثانيًا: فإن القرآن لم يدون بعد نزوله بفترة، لقد حفظ القرآن في الصدور، ودون في حياة الرسول عليه وآله الصلاة والسلام. فليطمئن الكاتب لهذا إن أراد الاطمئنان. ولا أدري لم حشر هذه العبارة هنا، مع أن المقام لا يقتضيها ولا يتطلبها.
وأما ثالثًا: فلا أدري كيف توصل الكاتب، إلى هذا الحكم الذي أطلقه دفعة