وكان يدعو إلى إصلاح الأزهر بالطريقة التي رآها مناسبة. وتمت بعض الخطوات في حياته، إلا أن آماله سرعان ما تبددت، حين اصطدم بالواقع الصلب. وكان يعتقد أنه لا ينبغي أن نثور على كل جديد، فإن من هذا الجديد ما هو ضروري للأمة، ولو كان مستعارًا حيث يقول الشيخ:
(ويمكننا أن نعرف كثيرًا من شؤون الإسلام وتاريخه من الكتب الإفرنجية، فإن فيها ما لا نجده في كتبنا، إن العالم المسلم، لا يمكن أن يخدم الإسلام من كل وجه يقتضيه حال هذا العصر، إلا إذا كان متقنًا للغة من اللغات الأوروبية، تمكنه من الاطلاع على ما كتب أهلها في الإسلام وأهله، من مدح وذم وغير ذلك من العلوم)(١).
وقد ساعده على نشاطه الإصلاحي تبوؤه لمناصب حساسة في الحكومة، ويستحسن أن أنقل هنا كلمة للشيخ توضح مقاصده وغايته من الإصلاح:
(ارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين: الأول تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة، قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى، واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه وتقلل من خلطه وخبطه. وأنه على هذا الوجه يعد صديقًا للعلم، باعثًا على البحث في الكون، وداعيًا إلى احترام الحقائق الثابتة، مطالبًا بالتعويل عليها، في أدب النفس والإصلاح والعمل .. والأمر الثاني إصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير، سواء كان في المخاطبات الرسمية، أم في المراسلات بين الناس - وكانت أساليب الكتابة في مصر تنحصر في نوعين كلاهما يمجه الذوق وتنكره لغة العرب: الأول ما كان مستعملًا في مصالح الحكومة وما يشبهها، وهو ضرب من ضروب التأليف بين الكلمات رث خبيث غير مفهوم، ولا يمكن رده إلى لغة من لغات العالم، لا في صورته ولا في مادته، والنوع الثاني: ما كان يستعمله الأدباء والمتخرجون في الجامع الأزهر، وهو ما كان يراعى فيه السجع، وإن كان