للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث الحقيقة والمجاز والتشبيهات والكنايات والإيجاز والإطناب والتقديم والتأخير، وقد كانت بذوره ترجع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد كثرت هذه اللفتات البيانية في كتب المفسرين، ولو رجعت لكتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة (١) وجدته مليئًا بمثل هذه الأمور، وممن عني بهذه القضايا الجاحظ في كتبه وهو لم يقف عند الدراسات البيانية المعاصرة له فقط، ولكن خطا بها خطوة كبيرة نحو لم الشعث والتجديد (٢).

وقد نحا نحو الجاحظ ابن قتيبة الذي كان أكثر تنظيمًا وترتيبًا وتوسعًا، فقد تناول لغة القرآن من حيث هي أداة للتعبير ومن ثم أتبعها ببيان قيمها الجمالية والأدبية، واستشهد للاستعارة بأمثلة كثيرة من القرآن الكريم.

ثم كانت الدراسات الإعجازية التي عنيت بتلك الوجوه البيانية، وكان من أهم تلك الدراسات إعجاز القرآن للواسطي (٣)، والنكت في إعجاز القرآن للرماني، وبيان إعجاز القرآن للخطابي، وإعجاز القرآن للباقلاني، الذي قام فيه بتحليل بعض السور القرآنية، ويرى الدكتور زغلول سلام أن الباقلاني عرض للوحدة الموضوعية في السورة القرآنية، ويرى الدكتور رجب البيومي أن الباقلاني لم يتجه إلى الوحدة الفنية، ويوافق الكاتب البيومي في أن الباقلاني لم يقصد الوحدة الموضوعية في كلّ ما كتب.

ومن هذه الكتب التي عنيت بالإعجاز، دلائل الإعجاز لعبد. القاهر الجرجاني، الذي وضع نظرية النظم، هذه النظرية التي لم تكن قبل الجرجاني مجرد


(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة لم تكن عنايته بالقضايا البيانية التي ذكرها الكاتب، لأن كلمة مجاز التي أرادها - أبو عبيدة - ليس هو المجاز الذي اصطلح عليه فيما بعد، وسيأتي لهذا مزيد تفصيل إن شاء الله.
(٢) ما ذكره الجاحظ كان ملحوظات أوليَّة.
(٣) هذا الكتاب غير موجود، ولم تثبت نسبته للواسطي، فإذن لا ينبغي أن نعول عليه ونذكر أنه من أهم الكتب في إعجاز القرآن الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>