للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن بعض الصحابة والتابعين كانوا يروون عن كل مسلم، وما كل مسلم مؤمنًا صادقًا، وما كانوا يفرقون في الأداء بين ما سمعوه من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من غيره وما بلغهم عنه بمثل: (سمعت وحدثني وأخبرني) كما فعل المحدثون من بعد عند وضع مصطلح الحديث، وقد ثبت أن الصحابة -رضي الله عنهم-، كان يروي بعضهم عن بعض وعن التابعين حتى عن كعب الأحبار وأمثاله. . . ولكن البلية في الرواية عن مثل كعب الأحبار، وممن روى عنه أبو هريرة وابن عباس، ومعظم التفسير المأثور مأخوذ عنه وعن تلاميذه، ومنهم المدلسون كقتادة، وكذا غيره من كبار المفسرين كابن جريح) (١).

وهذا قول فضلًا على أنه لا يليق بجلال الصحابة، فإنه لا يثبت أمام النقد العلمي وهو مخالف للقواعد الأولية، ككون الصحابة عدولًا يتشددون في رواية الحديث، وهم أشد وعيًا لما سمعوه من الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، وحاشاهم أن ينسبوا للرسول ما لم يقله.

على أنني قد أتفق مع الشيخ في موقفه من أحاديث المهدي لما ذكره الشيخ من جهة، ولأسباب لا محل الآن لإيرادها من جهة أخرى.

وخلاصة القول، إن الشيخ رشيدًا رحمه الله نفر من الإسرائيليات في تفسيره ونفَّر منها وحذر، ولكنه غالى وتطرف، وحكم العقل أكثر مما ينبغي، وجعله أعظم المقاييس التي يقاس بها تمريض الحديث أو تصحيحه، فكانت النتائج التي وصل إليها لا تقل خطورة عن الإسرائيليات، بل إنها والحق يقال أشد خطورة وأسوأ آثارًا، ذلك لأنها تتعلق بمصدر من مصادر التشريع وهو السنّة، وليست كذلك الإسرائيليات.


(١) تفسير المنار جـ ٩ ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>