للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما جاء بالقرآن ما لم يحله العقل) وأقول: لا داعي لهذا القيد، بل نؤمن بكل ما جاء به القرآن مألوفًا للبشر وغير مألوف.

رابعًا: ذكره بعض نصوص كتب اليهود والنصارى في تفسيره: نلحظ هذا في تفسيره قصة يونس في سورة (ن)، وعند ذكر سيدنا لوط في سورة الحاقة، وعند ذكر سيدنا نوح وخبر الطوفان في سورة نوح، وكان في غنى عن هذا كله، وبخاصة أن تفسيره كتب من أجل الناشئة، وتبنته وزارة المعارف العمومية (١).

خامسًا: عدم تحريه مكية الآية أو مدنيّتها: فمثلًا يذكر عند قول الله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: ٤٨] أن بعض المفسرين قال: (إن هذه الآية نزلت بسبب ما حدث في أحد) ولكن الشيخ لم يرد هذا القول، ولكن رجح غيره عليه لقوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وكان يكفيه ما يدل عليه سياق السورة وكونها مكية النزول (٢).

سادسًا: إشارته لمواطن الهداية: مما يحمد للشيخ في تفسيره، إشارته لمواطن الهداية في القرآن، وتبيينه لسنن الله في الاجتماع البشري، ومحاولة جذبه للمسلمين نحو كتابهم، حتى لا يعذبهم الله بتداعي الأمم عليهم.

وبعد: فهذا علم من أعلام مدرسة الأستاذ الإمام، رأينا فيه نفس الخصائص التي وجدناها في شيخ المدرسة، وربما كان (الأستاذ المغربي) -كما قلت من قبل. وكما ظهر من استعراضنا لتفسيره- أقرب الناس رأيًا إلى الأستاذ الإمام، حتى من الشيخ رشيد في بعض المسائل، ويدلنا على هذا تعمقه في آراء المعتزلة، وبضاعته القليلة في السنة، وقلة تحريه في أسباب النزول، وما سوى ذلك مما أشرت إليه، ومهما يكن من الأمر فإن للشيخ جهدًا، من الحق علينا أن نشكره له، ولقد أحسن، وإن كنا لا نوافق آراءه التي اجتهد فيها في بعض الأحيان، وللمجتهد أجر، هذا إن أخطأ، رحم الله الشيخ وجزاه خيرًا.


(١) ص ٦٢، ص ٧٤، ص ١٣٨.
(٢) تفسير جزء تبارك ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>