للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها في النفس وليست ملكة ولا عادة لها، بل صدرت هفوة غير متكررة) (١).

٢ - وعند حديثه عن الابتلاء يبين الشيخ أن فائدة إخبارنا بوقوعه في قوله سبحانه {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٨٦] هي أن نعرف السنن الإلهية ونهيئ أنفسنا لمقاومتها (٢)، فإن من تقع به المصيبة فجأة على غير انتظار يعظم عليه الأمر ويحيط به الغم حتى ليقتله في بعض الأحايين، لكنه إذا استعد لها اضطلع بها وقوي على حملها (٣).

٣ - وفي تلخيصه لأهم ما اشتملت عليه سورة الأعراف يذكر في النقطة السابعة (سننه تعالى في الاجتماع والعمران البشري، ويتضمن ذلك إهلال الله الأمم بظلمها لنفسها ولغيرها، وأن للأمم آجالًا لا تتقدم ولا تتأخر عنها، بما اقتضته السنن الإلهية العامة ابتلاء الله الأمم بالبأساء والضراء تارة، وبالرخاء والنعماء أخرى ... وأن لله في إرث الأرض واستخلاف الأمم والسيادة على الشعوب سننًا لا تتبدل ... ولله سنن في سلبها من قوم وجعلها إرثًا لقوم آخرين ... ) (٤).

٤ - ويفرق الشيخ بين سنة الله في الأمم وسنته في الأفراد.

ففي تفسير قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود: ٣]، يقول:

(وهذه سنة مطردة في ذنوب الأهم، وهي فيها أظهر من ذنوب الأفراد، فالمشاهد أن الأمم التي تصر على الظلم والفسوق والعصيان يهلكها الله تعالى في الدنيا بالضعف والشقاق وخراب العمران، حتى تزول نعمتها وتتمزق وحدتها (٥).


(١) تفسير المراغي ٤/ ١٠٦.
(٢) والأحسن أن يقول: ونهيء أنفسنا لمقاومة آثارها لأن سنن الله لا تقاوم.
(٣) المراغي ٤/ ١٥٤.
(٤) نفسه ٩/ ١٥٩ - ١٦٠.
(٥) المراغي ١١/ ١٦٩ وقد ورد هذا المعنى مطولًا في تفسير قوله تعالى {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا ... } [الأعراف: ٥] انظر المراغي ٨/ ١٠٢ - ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>