ويعقد الفصل الثامن للتفسير في العصر الحديث: الذي بدأ من نهاية القرن التاسع عشر الميلادي أو بداية القرن العشرين، وقد شهد تحكم المادية الجاهلية الغربية في العالم وظهر فلاسفة ومفكرون لا دينيون مثل هيجل وماركس ودوركايم، وشهد تقدم أوروبا وتأخر وانحطاط المسلمين، ومن هنا قامت حركات إسلامية دعت الأمة إلى العودة إلى الإسلام وظهرت مدارس فكرية إسلامية انطلقت من تفسير القرآن في إصلاح المجتمع، وأشهر هذه المدارس: مدرسة الشيخ محمد عبده، ويذكر الدكتور صلاح أن الشيخ الذهبي عد الشيخ محمد عبده رائد اللون الأدبي الاجتماعي، بينما عده آخرون مؤسسًا للمدرسة العقلية التي تعتمد على تحكيم العقل تحكيمًا مبالغًا فيه في فهم النص القرآني، وعلى التوفيق بين الإسلام والحضارة الغربية، ومنها مدرسة الإخوان المسلمين التي أسسها الشهيد حسن البنا سنة ١٩٢٨ م، وقد ظهر مفكرون إسلاميون عديدون ينتمون إلى هذه الحركة، منهم: سيد قطب والشيخ سعيد حوى رحمهما الله تعالى.
ويتحدث عن اتجاهات التفسير في العصر الحديث بإيجاز، ومنها الاتجاه الأثري والعقلي والعلمي والاجتماعي والبياني، والاتجاه الدعوي الحركي ويتمثل في (ظلال القرآن) لسيد قطب.
ويعرض لأعلام المفسرين في العضر الحديث ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا، فقد عرض الدكتور صلاح لترجمة الشيخ رشيد، ومكانته عند شيخه محمد عبده، ويعرفنا بالتفسير من خلال مقدمة المنار، ويقسم الأجزاء الاثني عشر من تفسير المنار، بالنسبة إلى ما أخذه الشيخ رشيد عن أستاذه الشيخ محمد عبده إلى ثلاثة أقسام:
الأول: التفسير للشيخ محمد عبده نصًّا وروحًا تقريبًا حيث كان ينقل ما قاله شيخه في دروسه وينشره في مجلة المنار، ولما أعده للطباعة عرضه على شيخه فأجازه واعتمده وهذا في الجزء الأول من تفسير المنار.