للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاتهم، وقراءتهم، وسائر أحوالهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب (المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم فيم يُقرأ في صلاة الجمعة: قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ رحمهُ اللهُ في "التمهيد": اختَلَف الفقهاء فيما يُقرأ به في صلاة الجمعة، فقال مالك: أَحَبّ إليّ أن يقرأ الإمام في الجمعة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}، مع "سورة الجمعة"، وقال مرةً أخرى: أما الذي جاء به الحديث فـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}، مع سورة الجمعة، والذي أدركت عليه الناس {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}.

قال أبو عمر رحمهُ اللهُ: تحصيل مذهب مالك أن كلتا السورتين قراءتهما حسنة مستحبة مع سورة الجمعة في الركعة الثانية، وأما الأولى فسورة الجمعة، ولا ينبغي للإمام عنده أن يترك "سورة الجمعة"، ولا "سورة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} " في الثانية، فإن فَعَل، وقرأ بغيرهما فقد أساء، وبئسما صنع، ولا تفسد بذلك عليه صلاته؛ إذا قرأ بأمّ القرآن، وسورة معها في كل ركعة منها.

وقال الشافعيّ، وأبو ثور: يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة بـ "سورة الجمعة"، وفي الثانية {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، وَيستحِبّ مالك، والشافعيّ، وأبو ثور، وداود بن عليّ ألا يترك "سورة الجمعة" على حال (١).

وقال في "الاستذكار": قال الأوزاعيّ: ما نعلم أحدًا من أئمة المسلمين ترك "سورة الجمعة" يوم الجمعة.

وقال الشافعيّ: أختار أن يقرأ في الأولى بـ "سورة الجمعة"، وفي الثانية {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، وهو قول عليّ، وأبي هريرة، وجماعة.

وقال مالك، والشافعيّ، وداود: لا يترك قراءة "سورة الجمعة" في الركعة الأولى على كلل حالٍ، فإن لم يقرأها لم تفسد صلاته، وقد أساء، وترك ما يُستَحَبّ له.

انتهى (٢).

وقال أبو حنيفة، وأصحابه: ما قرأ به الإمام في صلاة الجمعة فحسنٌ،


(١) "التمهيد" ١٦/ ٣٢٢ - ٣٢٤.
(٢) "الاستذكار" ٢/ ٥١ - ٥٣.