وإنما نبهت على هذا، وإن كان واضحًا؛ لئلا يعتقد القاصر إذا سمع إنكار قبلية الجمعة، أن الصلاة قبلها غير مشروعة مطلقًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(التنبيه الثاني): قبليّة الجمعة التي سبق إنكارها هي التي تُسمّى في أصول الفقه بالسنة التركيّة، وقد استوفيت البحث فيها في "التحفة المرضية"، ودونك نصّها:
وَتَرْكُهُ فِعْلًا مِنَ الأَفْعَالِ … يَكُونُ حُجّةً بِلَا جِدَالِ
نَقْلُ الصَّحَابَةِ لَهُ يَنْقَسِمُ … إِلَى صَرِيحٍ دُونَ لَبْسٍ يُفْهَمُ
كَمِثْلِ صَلَّى عِيدَهُ بِلَا أَذَانِ … وَلَا إِقَامَةٍ فَحَقِّقِ الْبَيَانِ
وَالثَّانِ أَنْ لَا يَنْقُلُوا فِعْلًا لَهُ … مَعَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي نَقْلَهُ
كَتَرْكِ لَفْظِ نِيّةِ الصَّلَاةِ مَعْ … تَرْكِهِ لِلدَّعَاءِ بَعْدَهَا فَدَعْ
أَيْ مَعَ تَأْمِينِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهْ … وَنَحْوِ ذَا مِمَّا الصِّحَابُ لَمْ يَعُوهْ
وَتَرْكُهُ يَكُونُ حُجَّةً إِذَا … وُجِدَتِ الشُّرُوطُ فَادْرِ الْمَأْخَذَا
أَنْ يُوجَدَ السَّبَبُ مِمَّا يَقْتَضِي … الْفِعْلَ ذَا فِي عَهْد الَّذِي ارْتُضِي
وَالثَّانِ أَنْ تَقُومَ حَاجَةٌ إِلَى … ذَاكَ الَّذِي تَرَكَهُ لِيُفْعَلَا
وَالثَّالثُ انْتِفَاءُ مَانِعٍ فَقَدْ … بَانَتْ شُرُوطُ التَّرْكِ فَاحْفَظْ تُعْتَمَدْ
فَتَرْكُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ دَلْ … لِكَوْنِهِ سَنَّ لَنَا تَرْكَ الْعَمَلْ
أَمَّا إِذَا خَلَا عَنِ الشُّرُوطِ لَا … يَدُلُّ تَرْكُهُ عَلَى السَّنِّ انْجَلى
خُلَاصَةُ الْقَوْلِ لِتَرْكِ الْفِعْلِ لَا … يَخْلُو مِنَ الْحَالَاتِ تَأْتِي فَاعْقِلَا
أَوَّلُهَا التَّرْكُ لِفَقْدِ الْمُقْتَضِي … كَتَرْكِ مَانِعِ الزَّكَاةِ الْمُعْرِضِ
وَالثَّانِ تَرْكُهُ لِمَانِعٍ حَصَلْ … كَتَرْكِهِ الْقِيَامَ خَوْفًا لِلْمَلَلْ
ثَالِثُهَا التَّرْكُ مَعَ اقْتِضَاءِ … لَهُ كَذَا الْمَانِعُ ذُو انْتِفَاءِ
كَتَرْكِهِ الأَذَانَ لِلْعِيدَيْنِ … نَقُولُ تَشْرِيعٌ بِغَيْرِ مَيْنِ
فَهَذِهِ بِالسُّنَّةِ التَّرْكِيَّهْ … يَدْعُونَهَا فَاتْرُكْ بِحُسْنِ نِيَّهْ
وَسُنَّةُ التَّرْكِ عَلَى ثَلَاثَةِ … تُبْنَى كَمَالَ الدِّينِ مِنْهَا أَثْبِتِ
إِذْ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ الزَّيْدِ فَقَدْ … رَضِيَهُ دِينًا إلَهُنَا الصَّمَدْ
وَالثَّانِ أَنَّ الْمُصْطَفَى بَيَّنَهُ … أَتَمَّ تَبْيِينٍ فَمَا أَحْسَنَهُ
فَمَا مِنَ الْخَيْرَاتِ إِلَّا أَرْشَدَا … أُمَّتَهُ لَهَا وحَثًّا أَكَّدَا