للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لما أنكروا عليه إخراج المنبر، ترك إخراجه بعدُ، وأمر ببنائه من لَبِنٍ وطين بالمصلَّى، ولا بُعْدَ في أن يُنْكَر عليه تقديم الخطبة على الصلاة مرةً بعد أخرى، ويدل على التغاير أيضًا أن إنكار أبي سعيد وقع بينه وبينه، وانكار الآخر وقع على رؤوس الناس. انتهى (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (ثَلَاثَ مِرَارٍ) أي: قال أبو سعيد ذلك ثلاث مرّات، وإنما كرّره توكيدًا للإنكار (ثُمَّ انْصَرَفَ) أي: إلى الصفّ، لا أنه ترك الصلاة معه.

قال النوويّ: قال القاضي عياض: قوله: "ثم انصرف" أي: عن جهة المنبر إلى جهة الصلاة، وليس معناه أنه انصرف من المصلى، وترك الصلاة معه، بل في رواية البخاريّ أنه صلى معه، وكلمه في ذلك بعد الصلاة، وهذا يدل على صحة الصلاة بعد الخطبة، ولولا صحتها كذلك لما صلاها معه.

قال النوويّ: واتفق أصحابنا على أنه لو قدّمها على الصلاة صحّت، ولكنه يكون تاركًا للسنة، مفوتًا للفضيلة، بخلاف خطبة الجمعة، فإنه يشترط لصحة صلاة الجمعة تقدُّم خطبتها عليها؛ لأن خطبة الجمعة واجبة، وخطبة العيد مندوبة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم مناقشة اشتراط الخطبة للجمعة في بابه، فإن شئت فراجعه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٢٠٥٣] (٨٨٩)، و (البخاريّ) (٣٠٤ و ٩٥٦ و ١٤٦٢ و ٢٦٥٨)، و (أبو داود) في "الصلاة" (١١٤٠)، و (النسائيّ) في "سننه" (٣/ ١٨٧ و ١٩٠)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة" (١٢٨٨)، و (أحمد) في


(١) "الفتح" ٣/ ٢٧٥.
(٢) "شرح النووي" ٦/ ١٧٨.