للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملل المختلفة عيدًا يسمونه باسم مثل: النيروز، والمهرجان، وإن هذا اليوم يوم عيدنا، وهو يوم سرور شرعيّ، فلا ينكر مثل هذا على أن ذلك لم يكن بالغناء الذي يُهَيِّج النفوس إلى أمور لا تليق، ولهذا جاء في رواية: "وليستا بِمُغَنِّيتين" يعني: لم تتخذا الغناء صناعةً وعادةً.

ورَوَى النسائيّ، وابن حبان بإسناد صحيح، عن أنس - رضي الله عنه -: "قَدِمَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى" (١).

(فَلَمَّا غَفَلَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الأمر (غَمَزْتُهُمَا) جواب "لَمّا والغمز بالمعجمتين: الإشارة بالعين، والحاجب، أو اليد، والرمز كذلك (فَخَرَجَتَا) قال في "العمدة": بفاء العطف، والمشهور -يعني: في رواية البخاريّ - "خرجتا" بدون الفاء، قال الكرمانيّ: "خرجتا" بدون الفاء بدل، أو استئناف.

وقولها: (وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ) هذا حديث آخر، وقد جمعهما بعض الرواة، وأفردهما بعضهم، وقع في رواية الجوزقي في هذا الحديث: "وقالت عائشة: كان يوم عيد"، فتبيّن بهذا أنه موصول كالأول، قاله في "الفتح" (٢).

(يَلْعَبُ السُّودَانُ) المراد بهم الحبشة، كما في الروايات الأخرى، ففي رواية الزهريّ: "والحبشةُ يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية: "جاء حَبَشٌ يلعبون في المسجد".

قال المحب الطبريّ: هذا السياق يُشعر بأن عادتهم ذلك في كل عيد، ووقع في رواية ابن حئان: "لَمّا قَدِمَ وفدُ الحبشة قاموا يلعبون في المسجد"، وهذا يُشعر بأن الترخيص لهم في ذلك بحال القدوم، ولا تنافي بينهما؛ لاحتمال أن يكون قدومهم صادَفَ يوم عيد، وكان من عادتهم اللعب في الأعياد، ففعلوا ذلك كعادتهم، ثم صاروا يلعبون يوم كل عيد.

ويؤيده ما رواه أبو داود عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لَمّا قَدِمَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المدينة لَعِبت الحبشة؛ فرحاً بذلك، لَعِبوا بحرابهم"، ولا شك أن يوم قدومه - صلى الله عليه وسلم - كان عندهم أعظم من يوم العيد.


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٣٩١.
(٢) "الفتح" ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥.