للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية إسحاق بن عبد الله، عن أنس التالية: "فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة؛ إذ قام أعرابيّ، فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال … "، وفي رواية ثابت، عن أنس الآتية: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فقام إليه الناس، فصاحوا، فقالوا: يا نبي الله قَحَطَ المطر، واحمرّ الشجر، وهلكت البهائم … ".

ووقع عند البخاريّ في رواية كريمة وأبي ذرّ جميعاً عن الكشميهنيّ بلفظ: "هلكت المواشي"، وهو المراد بالأموال هنا، لا الصامت، ووقع عنده في "كتاب الجمعة" بلفظ: "هلك الكُراع"، وهو بضم الكاف يطلق على الخيل وغيرها، وعنده من رواية يحيى بن سعيد، عن أنس: "هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس"، وهو من ذكر العامّ بعد الخاصّ، قاله في "الفتح".

(وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ) - بضمتين - جمع سبيل؛ أي: الطرق، ووقع عند البخاريّ في رواية الأصيليّ بلفظ: "وتقطعت" بمثناة، وتشديد الطاء، فالأول من باب الانفعال، والثانى من باب التفعُّل.

واختلف في معنى انقطاع السُّبُل، فقيل: ضَعُفت الإبلُ؛ لقلة الكلأ أن يسافر بها، وقيل: إنها لا تجد في سفرها من الكلأ ما يبلِّغها، وقيل: إن الناس أمسكوا ما عندهم من الطعام، ولم يجلبوه إلى الأسواق، وقيل: نفاد ما عندهم من الطعام، أو قلته، فلا يجدون ما يَحملونه إلى الأسواق (١).

ووقع في الرواية الآتية: "قَحَطَ المطر، واحمرّ الشجر"، ومعنى "قَحَط" بفتح القاف والطاء، وحُكي بضمٍّ، ثم كسر؛ أي: قَلَّ، أو لم ينزل أصلاً، واحمرار الشجر كناية عن يُبْس ورقها؛ لعدم شربها الماء، أو لانتثاره فتصير الشجر أعواداً بغير ورق، ووقع في رواية عند أحمد: "وأمحلت الأرض"، وهذه الألفاظ يَحْتَمِل أن يكون الرجل قال كلّها، وَيحْتَمل أن يكون بعض الرواة رَوَى شيئاً مما قاله بالمعنى؛ لأنها متقاربة، فلا تكون غلطاً، كما قال صاحب "المطالع"، وغيره (٢).

(فَادْعُ اللهَ يُغِثْنَا) بالجزم على أنه جواب الأمر، ووقع في بعض النسخ:


(١) راجع: "عمدة القاري" ٧/ ٣٩.
(٢) راجع: "الفتح" ٣/ ٣٦١.