للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: بل فيها معنى ليس في غيرها بالنسبة إلى المأذون لهم، فإنهم كانوا الغاية في الوَرَع والإنصاف، وليس غيرهم في ذلك مثلهم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي تعقّب به الحافظ كلام الإمام ابن المنذر رحمهما الله تعالى فيه نظر؛ لأنه لو كان المعنى الذي ذكره هو المبيحَ، لنبّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه، وقال: هذا لا يجوز إلا لمن كان على صفتكم، فلما أَطْلق، ولم يقيّده عَلِمنا أنه مباح، وقد مال الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه" إلى جوازه بإذن المالك، حيث قال في "كتاب المظالم": "باب النُّهْبَى بغير إذن صاحبه"، ثم أورد أحاديث النهي عن النُّهْبَى، فقد أفاد بتقييده الترجمة أن النهي إذا لم يأذن المالك، وإلا جاز.

والحاصل أن القول بجواز النُّهْبَى في العُرْس ونحوه هو الأرجح لما ذُكر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في ذكر أقوال أهل العلم في تأويل هذا الحديث:

لقد أجاد الحافظ رحمه الله تعالى في تلخيص أقوالهم، وتهذيبها في "الفتح"، فقال:

قال الطبري: اختَلَفَ الرواة في أداء لفظ هذا الحديث، وأنكر بعضهم أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قاله، ثم ذكر الاختلاف في تأويله، ومن أقوى ما يُحمَل على صرفه عن ظاهره، إيجاب الحدّ في الزنا، على أنحاء مختلفة، في حقّ الحر المحصن، والحر البكر، وفي حق العبد، فلو كان المراد بنفي الإيمان ثبوت الكفر لاستووا في العقوبة؛ لأن المكلَّفين فيما يتعلق بالإيمان والكفر سواء، فلما كان الواجب فيه من العقوبة مختلفًا دلّ على أن مرتكب ذلك ليس بكافر حقيقة.

وقال النووي: اختَلَف العلماء في معنى هذا الحديث، والصحيح الذي قاله المحققون، أن معناه: لا يَفْعَل هذه المعاصي، وهو كامل الإيمان، هذا من الألفاظ التي تُطلَق على نفي الشيء والمراد نفي كماله، كما يقال: لا عِلْمَ


(١) "فتح" ٩/ ١٤.