للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلا ما نَفَع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة، وإنما تأولناه لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعًا: "من قال لا إله إلا الله، دخل الجنة، وإن زنا وإن سرق"، وحديثِ عبادة - رضي الله عنه - الصحيح المشهور: "أنهم بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يسرقوا، ولا يزنوا … " الحديث، وفي آخره: "ومن فعل شيئًا من ذلك، فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن لم يعاقب فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه"، فهذا مع قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية [النساء: ٤٨]، ومع إجماع أهل السنة على أن مرتكب الكبائر لا يكفر إلا بالشرك، يَضطَرُّنا إلى تأويل الحديث ونظائرِه، وهو تأويل ظاهر سائغ في اللغة مُسْتَعْمَل فيها كثيرًا.

قال: وتأوَّله بعض العلماء على مَن فَعَل مُستحلًّا مع علمه بتحريمه.

وقال الحسن البصري، ومحمد بن جرير الطبري: معناه: يُنْزَع عنه اسم المدح الذي سَمَّى الله به أولياءه، فلا يقال في حقه: مؤمن، ويستحق اسم الذم، فيقال: سارق، وزانٍ، وفاجر، وفاسق.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يُنْزَع منه نور الإيمان، وفيه حديث مرفوع.

وعن المهلب: تُنْزَع منه بصيرته في طاعة الله.

وعن الزهري: أنه من المشكل الذي نُؤْمِن به، ونُمِرُّه كما جاء، ولا نتَعَرَّض لتأويله، قال: وهذه الأقوال محتملة، والصحيح ما قدمته.

قال: وقيل في معناه غير ما ذكرته، مما ليس بظاهر، بل بعضها غلط فتركتها. انتهى ملخصًا.

وقد وَرَدَ في تأويله بالمستحلّ حديث مرفوع عن علي - رضي الله عنه - عند الطبراني في "الصغير"، لكن في سنده راو كذَّبوه.

فمن الأقوال التي لم يذكرها: ما أخرجه الطبري من طريق محمد بن زيد بن واقد بن عبد الله بن عمر: أنه خبر بمعنى النهي، والمعنى: لا يَزْنِيَنَّ مؤمنٌ، ولا يَسْرِقَنَّ مؤمنٌ.

وقال الخطابي: كان بعضهم يروبه: "ولا يشرب" بكسر الباء على معنى النهي، والمعنى: المؤمن لا ينبغي له أن يفعل ذلك.