للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَدَّ بعضهم هذا القول بأنه لا يبقى للتقييد بالظرف فائدة، فإن الزنا مَنْهِيٌّ عنه في جميع الملل وليس مختصًا بالمؤمنين.

قال الحافظ: وفي هذا الردّ نظر واضح لمن تأمله.

[ثانيها]: أن يكون بذلك منافقًا نفاق معصية لا نفاق كفر، حكاه ابن بطال عن الأوزاعي.

[ثالثها]: أن معنى نفي كونه مؤمنًا، أنه شابه الكافر في عمله، وموقعُ التشبيه أنه مثله في جواز قتله في تلك الحالة؛ ليَكُفَّ عن المعصية ولو أَدَّى إلى قتله، فإنه لو قُتِل في تلك الحالة كان دمه هَدَرًا، فانتفت فائدة الإيمان في حقه بالنسبة إلى زوال عصمته في تلك الحالة، وهذا يُقَوّي ما تقدم من التقييد بحالة التلبس بالمعصية.

[رابعها]: معنى قوله: ليس بمؤمن: أي ليس بِمُسْتَحْضِرٍ في حالة تلبسه بالكبيرة جلالَ مَن آمن به، فهو كناية عن الغفلة، التي جلبتها له غلبة الشهوة، وعَبَّرَ عن هذا ابنُ الجوزي بقوله: فإن المعصية تُذهله عن مراعاة الإيمان وهو تصديق القلب، فكأنه نَسِي مَن صَدَّق به، قال ذلك في تفسير نزع نور الإيمان، ولعل هذا هو مراد المهلب.

[خامسها]: معنى نفي الإيمان: نفي الأمان من عذاب الله؛ لأن الإيمان مشتق من الأمن.

[سادسها]: أن المراد به الزجر والتنفير، ولا يراد ظاهره، وقد أشار إلى ذلك الطيبى، فقال: يجوز أن يكون من باب التغليظ والتهديد، كقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧] يعني أن هذه الخصال ليست من صفات المؤمن لأنها منافية لحاله، فلا ينبغي أن يتصف بها.

[سابعها]: أنه يُسْلَب الإيمانَ حال تلبّسه بالكبيرة، فإذا فارقها عاد إليه، وهو ظاهر ما أسنده البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، في باب "إثم الزُّنَاة" من "كتاب المحاربين" عن عكرمة عنه، بنحو حديث الباب، قال عكرمة: قلت لابن عباس: كيف يُنْزَع منه الإيمان؟ قال: هكذا، وشَبَّك بين أصابعه ثم أخرجها، فإذا تاب عاد إليه هكذا ثم شبّك بين أصابعه. وجاء مثل هذا مرفوعًا، أخرجه أبو داود، والحاكم بسند صحيح، من طريق سعيد